ترعد لحيته وكان إذا نزل عليه أخذته الرعدة فأنزل الله والضحى إلى قوله فترضى .
فنحن بين هاتين الروايتين نقدم الرواية الأولى في بيان السبب لصحتها دون الثانية لأن في إسنادها من لا يعرف .
قال ابن حجر قصة إبطاء جبريل بسبب الجرو مشهورة لكن كونها سبب نزول الآية غريب وفي إسناده من لا يعرف فالمعتمد ما في الصحيح ا ه .
وأما الصورة الثانية وهي صحة الروايتين كلتيها ولإحداهما مرجح فحكمها أن نأخذ في بيان السبب بالراجحة دون المرجوحة .
والمرجح أن تكون إحداهما أصح من الأخرى أو أن يكون راوي إحداهما مشاهدا للقصة دون راوي الأخرى .
مثال ذلك ما أخرجه البخاري عن ابن مسعود قال كنت أمشي مع النبي بالمدينة .
وهو يتوكأ على عسيب .
فمر بنفر من اليهود فقال بعضهم لو سألتموه .
فقالوا حدثنا عن الروح .
فقام ساعة ورفع رأسه فعرفت أنه يوحى إليه حتى صعد الوحي ثم قال قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا 17 الإسراء 85 .
وما أخرجه الترمذي وصححه عن ابن عباس قال قالت قريش لليهود أعطونا شيئا نسأل هذا الرجل .
فقالوا اسألوه عن الروح فسألوه فأنزل الله ويسئلونك عن الروح 17 الإسراء 85 الآية .
فهذا الخبر الثاني يدل على أنها بمكة وأن سبب نزولها سؤال قريش إياه .
أما الأول فصريح في أنها نزلت بالمدينة بسبب سؤال اليهود إياه وهو أرجح من وجهين أحدهما أنه رواية البخاري أما الثاني فإنه رواية الترمذي ومن المقرر أن ما رواه البخاري أصح مما رواه غيره .
ثانيهما أن راوي الخبر الأول وهو ابن مسعود كان مشاهد القصة من أولها إلى آخرها كما تدل على ذلك الرواية الأولى بخلاف الخبر الثاني فإن رواية ابن عباس لا تدل الرواية على أنه كان حاضر القصة ولا ريب أن للمشاهدة قوة في التحمل وفي الأداء وفي الاستيثاق ليست لغير المشاهدة ومن هنا أعملنا الرواية الأولى وأهملنا الثانية .
وأما الصورة الثالثة وهي ما استوت في الروايتان في الصحة ولا مرجح لإحداهما لكن يمكن الجمع بينهما بأن كلا من السببين حصل ونزلت الآية عقب حصولهما معا لتقارب زمنيهما فحكم هذه الصورة أن نحمل الأمر على تعدد السبب لأنه الظاهر ولا مانع يمنعه .
قال ابن حجر لا مانع من تعدد الأسباب .
مثال ذلك ما أخرجه البخاري من طريق عكرمة عن ابن عباس أن هلال بن أمية