رضوان الله والنعيم المخلد اه وأنت ترى أن في ذلك تعريضا بإنكار رؤية الله إذ يصرح بأن النجاة والرضوان والنعيم لا غاية للفوز وراءها مع أنه لم يذكر الرؤية وقد صرح بإنكارها في سورة الأنعام إذ قال في تفسير قوله تعالى لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ما نصه البصر هو الجوهر اللطيف الذي ركبه الله في حاسة النظر به تدرك المبصرات فالمعنى أن الأبصار لا تتعلق به ولا تدركه لأنه متعال عن أن يكون مبصرا في ذاته إذ الأبصار إنما يتعلق بما كان في جهة أصالة أو تبعا وذلك كالأجسام والهيئات اه .
ويرد عليه أهل السنة أولا بأن الإدراك المنفي عبارة عن الإحاطة ومنه قوله تعالى حتى إذا أدركه الغرق أي أحاط به وقوله سبحانه حكاية عن قوم موسى إنا لمدركون أي محاط بنا فالمنفي إذن عن الأبصار إحاطتها به D لا مجرد الرؤية ومن المعلوم أنه تعالى لا تحيط به الأفهام وهذا لا يمنع أن تعرفه فالإحاطة للعقل منفية كنفي الإحاطة للبصر وما دون الإحاطة من المعرفة للعقل والرؤية للبصر ثابت غير منفي .
ثانيا أن الزمخشري لم يذكر على إحاطة الرؤية عقلا دليلا ولا شبه دليل سوى أنه يكون المرئي لا في جهة وهذا نعارضه بالمثل فنقول يلزمكم استبعاد أن يكون الموجود لا في جهة إذ الاتباع للوهم ببعدهما جميعا والانقياد للعقل يبطل هذا الوهم ويجيزهما معا .
وحسبنا هذا فحبل النقاش بين أهل السنة والمعتزلة طويل وميدان الأخذ والرد بينهما علم الكلام فارجع إليه إن شئت المزيد عصمني الله وإياك من الزلل ووفقنا للقصد في الاعتقاد والعمل آمين .
كتاب تنزيه القرآن عن المطاعن .
مؤلفه هو القاضي عبد الجبار بن أحمد بن الخليل وكنيته أبو الحسن البغدادي برع في علم الكلام وفاق أهل زمانه ووضع كتبا جليلة وإليه انتهت رياسة المعتزلة ومشيختها فصاروا يأخذون برأيه ويعتمدون على كتبه إلى أن توفى سنة 415 خمس عشرة وأربعمائة وله مصنفات كثيرة من أهمها كتابه هذا تنزيه القرآن عن المطاعن .
وهو مرتب على مسائل تتضمن سؤالا وجوابه ولم تكن همته تفسير القرآن بل كان كل همه موجها نحو تأييد مذهبه لذلك تراه لم يفسر جميع القرآن بل يذكر من السورة الآية التي يستطيع أن يؤولها على مقتضى عقيدته ويؤيد بها مذهب المعتزلة على نمط