في تفسير قوله تعالى ختم الله على قلوبهم الخ ما نصه .
فإن قلت لم أسند الختم إلى الله تعالى وإسناده إليه يدل على المنع من قبول الحق والتوصل إليه بطرقه وهو قبيح والله تعالى منزه عن فعل القبيح بدليل وما أنا بظلام للعبيد وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين إن الله لا يأمر بالفحشاء الخ ما قال ثم أول إسناد الختم إلى الله بأن الكلام استعارة أو مجاز على معنى أن الشيطان هو الخاتم أو الكافر وأسند إلى الله تعالى لأنه هو الذي أقدره ومكنه وهذا المذهب يلزمه في نظر أهل السنة أمور كلها باطلة .
منها مخالفة الدليل العقلي القائم على وحدانية الله تعالى وأنه لا شيء من الكائنات إلا وهو أثر من آثار القادر لا غيره .
ومنها مخالفة الدليل النقلي كقوله تعالى الله خلق كل شيء .
ومنها القول بأن هذه الأشياء نفذ فيها مراد الشيطان أو الكافر بخلاف مراد الله وهذا أشنع ما يقال .
ومنها قياس الغائب على الشاهد إذ جعلوا المنع من قبول الحق قبيحا من الله قياسا على قبحه منا .
ومنها الجهل بحقيقة الظلم وحقيقته أنه التصرف في ملك الغير بغير إذنه ولا ملك إلا الله له ملك السموات والأرض إن كل من في السموات والأرض إلا ءاتي الرحمن عبدا فلا ظلم في فعله تعالى على أي وجه كان .
ومنها أن ما تمسكوا به من أفعال العباد لو كانت مخلوقة لله تعالى لما نعاها عليهم ولما عاقبهم بها ولما قامت له حجة عليهم كل ذلك مبني على قاعدتهم الخاطئة من التحسين والتقبيح العقليين وعلى قياسهم الغائب على الشاهد كما سبق وكلا هذين لا يسلم لهم ثم يرد عليهم بالمثل فيقال لهم يقبح من الشاهد أن يمكن غيره من فعل شيء ثم يعاقبه عليه فكذلك الغائب وأنتم تقولون إن القدرة التي يخلق بها العبد فعله في زعمكم هي مخلوقة لله تعالى مع علمه بما سيفعله العبد بها ولا يخفى أن ذلك بمثابة إعطاء سيف لمن يبغي به على الناس وذلك قبيح في الشاهد فهو قبيح في الغائب وما تجيبون به عن هذه نجيبكم به عن تلك فالجواب هو الجواب .
ويقول في تفسير قوله تعالى فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز ما نصه ولا غاية للفوز وراء النجاة من سخط الله والعذاب السرمدي