هؤلاء الأئمة وأضرابهم هم الذين خدموا الأمة والملة وحافظوا على الكتاب والسنة وفيهم يقول السيوطي باتقانه ثم لما اتسع الخرق وكاد الباطل يلتبس بالحق قام جهابذة الأمة وبالغوا في الاجتهاد وجمعوا الحروف والقراءات وعزوا الوجوه والروايات وميزوا الصحيح والمشهور والشاذ بأصول أصلوها وأركان فصلوها .
فأول من صنف في القراءات أبو عبيد القاسم بن سلام ثم أحمد بن جبير الكوفي ثم إسماعيل بن إسحاق المالكي صاحب قالون ثم أبو جعفر بن جرير الطبري ثم أبو بكر محمد بن أحمد بن عمر الدجوني ثم أبو بكر مجاهد ثم قام الناس في عصره وبعده بالتأليف في أنواعها جامعا ومفردا موجزا ومسهبا .
وأئمة القراءات لا تحصى .
وقد صنف طبقاتهم حافظ الإسلام أبو عبد الله الذهبي ثم حافظ القرآن أبو الخير بن الجزري ا ه .
أسأل الله تعالى أن يغمر الجميع بواسع رحماته وأن يجزيهم أفضل الجزاء على خدمتهم لكتابه .
آمين .
حكم ما وراء العشر .
وقع الخلاف أيضا في القراءات الأربع التي تزيد على العشر وتكمل الأربع عشرة فقيل بتواتر بعضها .
وقيل بصحتها .
وقيل بشذوذها إطلاقا في الكل .
وقيل إن المسألة ليست مسألة أشخاص ولا أعداد بل هي قواعد ومبادىء .
فأيما قراءة تحققت فيها الأركان الثلاثة لذلك الضابط المشهور فهي مقبولة وإلا فهي مردودة .
لا فرق بين قراءات القراء السبع والقراء العشر والقراء الأربعة عشر وغيرهم فالميزان واحد في الكل والحق أحق أن يتبع .
قال صاحب الشافي التمسك بقراء سبعة من القراء دون غيرهم ليس فيه أثر ولا سنة وإنما هو من جمع بعض المتأخرين فانتشروا .
ووهم من قال إنه لا تجوز الزيادة على ذلك .
وذلك لم يقل به أحد ا ه بشيء من التصرف .
وقال الكواشي كل ما صح سنده واستقام وجهه في العربية ووافق خط المصحف الإمام فهو من السبعة المنصوصة .
يريد السبعة الأحرف في الحديث النبوي المعروف ثم قال وقد اشتد إنكار أئمة هذا الشأن على من ظن انحصار القراءات المشهورة في مثل ما في التيسير والشاطبية ا ه .
وهذا رأي قريب من الصواب لولا أنه لم يقصر نظره على ما هو الواقع القائم بيننا اليوم من القراءات ولم يطبق الحكم ولم يفصله فيه بل ساق الكلام عاما كما ترى