ولا يضر كون أسانيد القراء آحادا إذ تخصيصها بجماعة لا يمنع مجيء القراءات عن غيرهم بل هو الواقع فقد تلقاها عن أهل كل بلد بقراءة إمامهم الجم الغفير عن مثلهم وهلم جرا .
وإنما أسندت إلى الأئمة المذكورين ورواتهم المذكورين في أسانيدهم لتصديهم لضبط حروفها وحفظ شيوخهم الكمل فيها ا ه .
وقد يناقش هذا بأنها لو تواترت جميعا ما اختلف القراء في شيء منها لكنهم اختلفوا في أشياء منها فإذا لا يسلم أن تكون كلها متواترة .
ويجاب عن هذا بأن الخلاف لا ينفي التواتر بل الكل متواتر وهم فيه مختلفون فإن كل حرف من الحروف السبعة التي نزل بها القرآن بلغه الرسول إلى جماعة يؤمن تواطئهم على الكذب حفظا لهذا الكتاب وهم بلغوه إلى أمثالهم وهكذا .
ولا شك أن الحروف يخالف بعضها بعضا فلا جرم تواتر كل حرف عند من أخذ به وإن كان الآخر لم يعرفه ولم يأخذ به .
وهنا يجتمع التخالف والتواتر .
وهنا يستقيم القول بتواتر القراءات السبع بل القراءات العشر كما يأتي .
4 - ويذهب ابن الحاجب إلى تواتر القراءات السبع غير أنه يستثني منها ما كان من قبيل الأداء كالمد والإمالة وتخفيف الهمزة .
قال البناني على جمع الجوامع وكأن وجه ذلك أن ما كان من قبيل الأداء بأن كان هيئة للفظ يتحقق اللفظ بدونها كزيادة المد على أصله وما بعده من الأمثلة وما كان من هذا القبيل لا يضبطه السماع عادة لأنه يقبل الزيادة والنقصان بل هو أمر اجتهادي .
وقد شرطوا في التواتر ألا يكون في الأصل عن اجتهاد .
فإن قيل قد يتصور الضبط في الطبقة الأولى للعلم بضبطها ما سمعته منه على الوجه الذي صدر منه من غير تفاوت بسبب تكرر عرضها ما سمعته منه .
قلنا إن سلم وقوع ذلك لم يفد إذ لا يأتي نظيره في بقية الطبقات فإن الطبقة الأولى لا تقدر عادة على القطع بأن ما تلقته الثانية جار علىالوجه الذي نطق به النبي .
وبما تقرر علم أن الكلام فيما زاد على أصل المد وما بعده لا في الأصل فإنه متواتر .
الحاصل أنه إن أريد بتواتر ما كان من قبيل الأداء تواتره باعتبار أصله كأن يراد تواتر المد من غير نظر لمقداره وتواتر الإمالة كذلك فالوجه خلاف ما قال ابن الحاجب للعلم بتواتر ذلك .
وإن أريد تواتر الخصوصيات الزائدة على الأصل فالوجه ما قاله ابن الحاجب .
قاله ابن قاسم ا ه .
بقليل من التصرف .
لكننا إذا رجعنا لعبارة ابن الحاجب نجدها كما يقول في مختصر الأصول له القراءات السبع متواترة فيما ليس من قبيل الأداء كالمد والإمالة وتخفيف الهمزة ونحوه ا ه .
وهذا زعم صريح منه بأن المد والإمالة وتخفيف الهمزة ونحوها من قبيل الأداء وأنها غير متواترة .
وهذا غير صحيح كما يأتيك نبؤه في مناقشة ابن الجزري له طويلا