العامل العاشر .
سمو تربية الصحابة على فضائل الإسلام كلها وكمال تأدبهم بآداب هذا الدين الحنيف وشده خوفهم من الله وصفاء نفوسهم إلى حد لا يتفق والكذب خصوصا الكذب على الله تعالى والتجني على أفضل الخليقة صلوات الله وسلامه عليه .
يقول علماء الأخلاق والمشتغلون بعلم النفس وعلوم الاجتماع إن الكذب جناية قبيحة لا يمكن أن يصدر إلا عن نفس ساقطة لم تتأدب ولا يتصور أن يفشوا إلا في شعب شاذ لم يتهذب .
ونحن إذا استعرضنا تاريخ الصحابة رضوان الله عليهم نشاهد العجب في عظمة تأديب الإسلام لهم وتربيته إياهم تربية سامية جعلتهم أشباه الملائكة يمشون على الأرض لا سيما ناحية الصدق والأمانة والتثبت والتحري والاحتياط .
وذلك من كثرة ما قرر القرآن فيهم لهذه الفضائل ومن عناية الرسول بهم علما وعملا ومراقبة حتى أصبحوا بنعمة من الله وفضل منطبعة قلوبهم على هذه الجلائل متشبعة نفوسهم بمبادىء الشرف والنبل تأبى عليهم كرامتهم أن يقاربوا الكذب أو يقارفوا التهجم .
لا سيما التهجم على مقام الكتاب العزيز وكلام صاحب الرسالة .
قالت عائشة Bها ما كان خلق أشد على أصحاب رسول الله من الكذب .
ولقد كان رسول الله يطلع على الرجل من أصحابه على الكذب فما ينجلي من صدره حتى يعلم أنه أحدث توبة لله D رواه مسلم في مقدمة صحيحه .
عوامل أخرى .
إذا استعرضت بعض العوامل السابقة في حفظ الصحابة للكتاب والسنة تجد منها عوامل صالحة أيضا لأن تكون دواعي تثبتهم في الكتاب والسنة ولهذا اكتفي بالاشارة إليها دون إعادتها .
1 - فذكاء العرب وقوة حوافظهم وصفاء طبعهم إلى آخر ما ذكرنا في العامل الثاني هناك .
لا شك أنه داعية من دواعي تثبتهم أيضا لأن الشأن فيمن نشأ على هذه الصفات أن يكون واثقا مما حفظ فلا يحتاج إلى تزيد ولا يقع في تهجم .
2 - وحب الصحابة لله ولرسوله عامل كذلك من عوامل التثبت لأن المحب الصادق لا يقنع إلا بما يثق أنه كلام حبيبه من غير لبس ولا شك ولا يرضى أن يفتري الكذب على حبيبه ولا يقبل أن يتقول عليه أو يتهجم في كلامه خصوصا إذا عرف أنه يكره ذلك منه .
انظر العامل الرابع من عوامل الحفظ