قاطعة وأن يسلكوا بالقرآن مسلك الكتب المحرفة والأناجيل المبدلة .
وإننا نذكر هؤلاء بتلك الكلمة التي يرددونها هم وهي من كان بيته من زجاج فلا يرجمن الناس بالحجارة .
وكلمة الفصل في هذا الموضوع أن آية المتعة التي يزعمون وصيغة القنوت التي يحكمون لم يثبت قرآنيتهما حتى يكونا في عداد القرآن وإن ادعوا قرآنيتهما فعليهم البيان قل هاتوا برهنكم إن كنتم صدقين 2 البقرة 111 .
قال صاحب الانتصار ما نصه إن كلام القنوت المروي أن أبي بن كعب أثبته في مصحفه لم تقم الحجة بأنه قرآن منزل بل هو ضرب من الدعاء وأنه لو كان قرآنا لنقل إلينا نقل القرآن وحصل العلم بصحته ثم قال ويمكن أن يكون منه كلام كان قرآنا منزلا ثم نسخ وأبيح الدعاء به وخلط بما ليس بقرآن .
ولم يصح ذلك عنه إنما روي عنه إنما روي عنه أنه أثبته في مصحفه وقد أثبت في مصحفه ما ليس بقرآن من دعاء أو تأويل ا ه .
وهذا الدعاء هو القنوت الذي أخذ به السادة الحنفية .
وبعضهم ذكر أن أبيا Bه كتبه في مصحفه وسماه سورة الخلع والحفد لورود مادة هاتين الكلمتين فيه وقد عرفت توجيه ذلك .
والخلاصة أن بعض الصحابة الذين كانوا يكتبون القرآن لأنفسهم في مصحف أو مصاحف خاصة بهم ربما كتبوا فيها ما ليس بقرآن مما يكون تأويلا لبعض ما غمض عليهم من معاني القرآن أو مما يكون دعاء يجري مجرى أدعية القرآن في أنه يصح الإتيان به في الصلاة عند القنوت أو نحو ذلك وهم يعلمون أن ذلك كله ليس بقرآن .
ولكن ندرة أدوات الكتابة وكونهم يكتبون القرآن لأنفسهم وحدهم دون غيرهم هون عليهم ذلك لأنهم أمنوا على أنفسهم اللبس واشتباه القرآن بغيره .
فظن بعض قصار النظر أن كل ما كتبوه فيها إنما كتبوه على أنه قرآن مع أن الحقيقة ليست كذلك إنما هي ما علمت .
أضف إلى ذلك أن النبي أتى عليه حين من الدهر نهى عن كتابة غير القرآن إذ يقول فيما يرويه مسلم لا تكتبوا عني ومن كتب عني شيئا غير القرآن فليمحه وذلك كله مخافة اللبس والخلط والاشتباه في القرآن الكريم .
5 - وأما احتجاجهم الخامس بأن كثيرا من آيات القرآن لم يكن لها قيد سوى تحفظ الصحابة وقد قتل بعضهم وذهب معهم ما كانوا يتحفظونه فلا يسلم لهم لأن نفس ما كان يتحفظه الشهداء من القراء كان يتحفظه كثير غيرهم أيضا من الأحياء الذين لم يستشهدوا ولم يموتوا بدليل قول عمر وأخشى أن يموت القراء من سائر المواطن ومعنى هذا أن القراء لم يموتوا كلهم .
إنما المسألة مسألة خشية وخوف .
ومعلوم أن أبا بكر