أربع عشرة .
فهذا يفيد أن الموجودات التي عددها ثمانية وعشرون تكون قسمين كل منهما أربعة عشر .
فهكذا هنا في القرآن جاءت الحروف العربية مقسمة قسمين قسم منهما أربعة عشر منطوق به في أوائل السور وقسم منهما أربعة عشر غير منطوق به في أوائلها .
وكأنه تعالى يقول أي عبادي إن منازل القمر ثمان وعشرون وهي قسمان ومفاصل الكف ثمانية وعشرون وهي قسمان وهكذا .
والحروف التي تدغم في حرف التعريف والتي هي معلمة كل منها أربعة عشر .
وضدها أربعة عشر فلتعلموا أن هذا القرآن هو تنزيل مني لأني نظمت حروفه على هذا النمط الذي أخترته في صنع المنازل والأجسام الإنسانية والأجسام الحيوانية ونظام الحروف الهجائية فمن أين لبشر كمحمد أو غيره أن ينظم هذا النظام ويجعل هذه الأعداد موافقة للنظام الذي وضعته والسنن الذي رسمته والنهج الذي سلكته إن القرآن تنزيل مني وقد وضعت هذه الحروف في أوائل السور لتستخرجوا منها ذلك فتعلموا أني ما خلقت السموات والأرض وما بينهما باطلا بل جعلت النظام في العالم وفي الوحي متناسبا .
وهذا الكتاب سيبقى إلى آخر الزمان ولغته ستبقى معه إلى آخر الأجيال .
إن اللغات متغيرة وليس في العالم لغة تبقى غير متغيرة إلا التي حافظ عليها دين .
وهل غير اللغة العربية حافظ عليها دين .
هذا ولا يخفى عليك أن ذاك الرأي الثاني في فواتح السور أبلغ في نقض الشبهة من الرأي الأول لأنه ينفي ما زعموه من أساس الاتهام وهو أنه ليس لهذه الفواتح معنى مفهوم ويقرر أن معانيها مفهومة على ما تبين في تلك الوجوه السابقة .
وإذا كان بعض الناس لا يفهم تلك المعاني فليس ذلك عيبا في القرآن إنما هو عيب في استعداد بعض أفراد الإنسان .
وكتاب الله خوطب به الخواص كما خوطب به العوام فلا بدع أن يكون فيه ألفاظ لا يفهمها إلا الخاصة دون العامة .
وعلى كلا هذين الرأيين يتضح لك أن اشتمال القرآن على هذه الألفاظ ليس من قبيل اشتماله على لغو الكلام أو إظهار القرآن بمظهر عميق مخيف ولا يفهم منه أنها رموز للمصاحف ألحقها مرور الزمن بالقرآن إلى غير ذلك من الهذيان .
بل ثبوت هذه الفواتح لا يقدح في كون القرآن من عند الله سواء أفادت معنى ظاهرا أم لم تفد على ما بيناه من حكمة الله البالغة في إيرادها .
والله هو الحكيم العليم .
الشبهة السادسة .
يقولون إن القرآن في قسمه المكي قد خلا من الأدلة والبراهين بخلاف قسمه المدني فإنه مليء بالأدلة مدعم بالحجة وهذا برهان جديد على تأثر القرآن بالوسط الذي كان فيه محمد