أحدها اختلاف اللفظ لا المعنى .
الثاني اختلافهما جميعا مع جواز اجتماعهما في شيء واحد .
الثالث اختلافهما جميعا مع امتناع جواز اجتماعهما في شيء واحد لكن يتفقان في وجه آخر لا يقتضي التضاد .
فأما الأول فكالاختلاف في ألفاظ الصراط وعليهم ويؤوده والقدس ويحسب ونحو ذلك مما يطلق عليه أنه لغات فقط .
وأما الثاني فنحو لفظ مالك وملك في الفاتحة لأن المراد في القراءتين هو الله تعالى لأنه مالك يوم الدين وملكه وكذا ننشزها بالزاي وننشرها بالراء لأن المراد بهما هو العظام .
وذلك أن الله تعالى أنشرها أي أحياها وأنشزها أي رفع بعضها إلى بعض حتى التأمت فضمن الله المعنيين في القراءتين .
وأما الثالث فنحو قوله تعالى وظنوا أنهم قد كذبوا 12 يوسف 110 .
قرئ بالتشديد والتخفيف في لفظ كذبوا المبني للمجهول .
فأما وجه التشديد فالمعنى وتيقن الرسل أن قومهم قد كذبوهم .
وأما وجه التخفيف فالمعنى وتوهم المرسل إليهم أن الرسل قد كذبوهم أي كذبوا عليهم فيما أخبروهم به .
فالظن في الأولى يقين والضمائر الثلاثة المرسل .
والظن في القراءة الثانية شك والضمائر الثلاثة للمرسل إليهم .
ومن هذا القبيل قوله تعالى وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال 14 ابراهيم 46 بفتح اللام الأولى ورفع الأخرى في كلمة لتزول وبكسر الأولى وفتح الثانية فيها أيضا .
فأما وجه فتح الأولى ورفع الثانية من لتزول فهو أن تكون كلمة إن مخففة من الثقيلة أي وإن مكرهم كامل الشدة تقتلع بسببه الجبال الراسيات من مواضعها .
وفي القراءة الثانية إن نافية أي ما كان مكرهم وإن تعاظم وتفاقم ليزول منه أمر محمد ودين الإسلام .
ففي الأولى تكون الجبال حقيقة وفي الثانية تكون مجازا .
ثم قال أيضا فليس في شيء من القرآن تناف ولا تضاد ولا تناقض .
وكل ما صح عن النبي من ذلك فقد وجب قبوله ولم يسع أحدا من الأمة رده ولزم الإيمان به وأنه كله منزل من عند الله إذ كل قراءة منها مع الأخرى بمنزلة الآية مع الآية يجب الإيمان بها كلها واتباع ما تضمنته علما وعملا ولا يجوز ترك موجب إحداهما لأجل الأخرى ظنا أن هذا تعارض ا ه .
إلى ذلك أشار عبد الله بن مسعود Bه بقوله لا تختلفوا في القرآن ولا تنازعوا فيه فإنه لا يختلف ولا يتساقط ألا ترون أن شريعة الإسلام واحدة حدودها وقراءتها وأمر الله فيها واحد .
لو كان من الحرفين حرف يأمر بشيء وينهى عنه الآخر كان ذلك الاختلاف .
ولكنه جامع ذلك كله .
ومن قرأ قراءة فلا يدعها رغبة عنها فإنه من كفر بحرف منه كفر به كله ا ه .
الشبهة الثانية يقولون إن هذا الاختلاف في القراءات يوقع في شك وريب من