ومعنى هذا أن القرآن يعجز إذا قرىء بهذه القراءة ويعجز أيضا إذا قرىء بهذه القراءة الثانية ويعجز أيضا إذا قرىء بهذه القراءة الثالثة وهلم جرا .
ومن هنا تتعدد المعجزات بتعدد تلك الوجوه والحروف .
ولا ريب أن ذلك أدل على صدق محمد لأنه أعظم في اشتمال القرآن على مناح جمة في الإعجاز وفي البيان على كل حرف ووجه وبكل لهجة ولسان .
ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم 8 الأنفال 42 .
الشاهد الثاني أن مرات استزادة الرسول للتيسير على أمته كانت ستا غير الحرف الذي أقرأه أمين الوحي عليه أول مرة فتلك سبعة كاملة بمنطوقها ومفهومها .
تأمل حديث ابن عباس السابق وقول الرسول فيه أقرأني جبريل على حرف فراجعته فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى بلغ سبعة أحرف وكذلك جاء في حديث لأبي بكرة أن النبي قال فنظرت إلى ميكائيل فسكت فعلمت أنه قد انتهت العدة يضاف إلى ذلك المراجعات الثابتة في الأحاديث الأخرى وإن كانت لم تبلغ ستا صراحة غير أن الحديث جاء بلفظ السبعة فيعلم من مجموع تلك الروايات أن المراد بلفظ سبعة حقيقة العدد المعروف في الآحاد بين الستة والثمانية .
الشاهد الثالث أن من قرأ حرفا من هذه الحروف فقد أصاب شاكلة الصواب أيا كان ذلك الحرف كما يدل عليه فيما مضى قوله فأيما حرف قرؤوا عليه فقد أصابوا وقوله لكل من المختلفين في القراءة أصبت وقوله لهما في رواية ابن مسعود كلا كما محسن وقوله فيما يرويه عمرو بن العاص فأي ذلك قرأتم أصبتم .
وعدم موافقته لعمر وأبي وابن مسعود وعمرو بن العاص على معارضة مخالفيهم بالطرق الآنفة في الأحاديث السالفة .
ودفعه في صدر أبي حين استصعب عليه أن يقر هذا الاختلاف في القراءة .
ولا ريب أن ذلك كله فيه معنى النهي البالغ عن منع أي أحد من القراءة بأي حرف من الأحرف السبعة النازلة .
الشاهد الرابع أن القراءات كلها على اختلافها كلام الله لا مدخل لبشر فيها .
بل كلها نازلة من عنده تعالى مأخوذ بالتلقي عن رسول الله .
يدل على ذلك أن الأحاديث الماضية تفيد أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يرجعون فيما يقرؤون إلى رسول الله يأخذون عنه ويتلقون منه كل حرف يقرؤون عليه انظر قوله في قراءة كل من المختلفين هكذا أنزلت وقول المخالف لصاحبه أقرأنيها رسول الله .
ثم أضف إلى ذلك أنه لو صح لأحد أن يغير ما شاء من القرآن بمرادفه أو غير مرادفه لبطلت قرآنية القرآن وأنه كلام الله ولذهب الإعجاز ولما تحقق قوله سبحانه