بالغت في الطهر وذلك بالاغتسال فلا بد من الطهرين كليهما في جواز قربان النساء .
وهو مذهب الشافعي ومن وافقه أيضا .
ومنها الدلالة على حكمين شرعيين ولكن في حالين مختلفين كقوله تعالى في بيان الوضوء فأغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وأمسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين 5 المائدة 6 .
قرىء بنصب لفظ أرجلكم وبجرها .
فالنصب يفيد طلب غسلها لأن العطف حينئذ يكون على لفظ وجوهكم المنصوب وهو مغسول .
والجر يفيد طلب مسحها لأن العطف حينئذ يكون على لفظ رؤوسكم المجرور وهو ممسوح وقد بين الرسول أن المسح يكون للابس الخف وأن الغسل يجب على من لم يلبس الخف .
ومنها دفع توهم ما ليس مرادا كقوله تعالى يأيها الذين ءامنوا إذا نودي للصلوة من يوم الجمعة فأسعوا إلى ذكر الله 62 الجمعة 9 .
وقرىء فامضوا إلى ذكر الله .
فالقراءة الأولى يتوهم منها وجوب السرعة في المشي إلى صلاة الجمعة ولكن القراءة الثانية رفعت هذا التوهم لأن المضي ليس من مدلوله السرعة .
ومنها بيان لفظ مبهم على البعض نحو قوله تعالى وتكون الجبال كالعهن المنفوش 101 القارعة 5 .
وقرىء كالصوف المنفوش فبينت القراءة الثانية أن العهن هو الصوف .
ومنها تجلية عقيدة ضل فيها بعض الناس نحو قوله تعالى في وصف الجنة وأهلها وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا 76 الإنسان 20 جاءت القراءة بضم الميم وسكون اللام في لفظ وملكا كبيرا وجاءت قراءة أخرى بفتح الميم وكسر اللام في هذا اللفظ نفسه فرفعت هذه القراءة الثانية نقاب الخفاء عن وجه الحق في عقيدة رؤية المؤمنين لله تعالى في الآخرة لأنه سبحانه هو الملك وحده في تلك الدار لمن الملك اليوم لله الوحد القهار 40 غافر16 .
والخلاصة أن تنوع القراءات يقوم مقام تعدد الآيات .
وذلك ضرب من ضروب البلاغة يبتدىء من جمال هذا الإيجاز وينتهي إلى كمال الإعجاز .
أضف إلى ذلك ما في تنوع القراءات من البراهين الساطعة والأدلة القاطعة على أن القرآن كلام الله وعلى صدق من جاء به وهو رسول الله فإن هذه الاختلافات في القراءة على كثرتها لا تؤدي إلى تناقض في المقروء وتضاد ولا إلى تهافت وتخاذل بل القرآن كله على تنوع قراءاته يصدق بعضه بعضا ويبين بعضه بعضا ويشهد بعضه لبعض على نمط واحد في علو الأسلوب والتعبير وهدف واحد من سمو الهداية والتعليم .
وذلك من غير شك يفيد تعدد الإعجاز بتعدد القراءات والحروف