يقول تعالى آمرا بتدبر القرآن وتفهمه وناهيا عن الإعراض عنه فقال : { أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها } أي بل على قلوب أقفالها فهي مطبقة لا يخلص إليها شيء من معانيه قال ابن جرير : حدثنا بشر حدثنا حماد بن زيد حدثنا هشام بن عروة عن أبيه Bه قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلّم يوما { أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها } فقال شاب من أهل اليمن : بل عليها أقفالها حتى يكون الله تعالى يفتحها أو يفرجها فما زال الشاب في نفس عمر Bه حتى ولي فاستعان به ثم قال تعالى : { إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى } أي فارقوا الإيمان ورجعوا إلى الكفر { من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم } أي زين لهم ذلك وحسنه { وأملى لهم } أي غرهم وخدعهم { ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر } أي ما لؤوهم وناصحوهم في الباطن على الباطل وهذا شأن المنافقين يظهرون خلاف ما يبطنون ولهذا قال الله D : { والله يعلم إسرارهم } أي ما يسرون وما يخفون الله مطلع عليه وعالم به كقوله تبارك وتعالى : { والله يكتب ما يبيتون } .
ثم قال تعالى : { فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم } أي كيف حالهم إذا جاءتهم الملائكة لقبض أرواحهم وتعاصت الأرواح في أجسادهم واستخرجتها الملائكة بالعنف والقهر والضرب كما قال سبحانه وتعالى : { ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم } الاية وقال تعالى : { ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم } أي بالضرب { أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون } ولهذا قال ههنا : { ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم }