هذا يتعوذ المأموم وإن كان لا يقرأ ويتعوذ فيالعيد بعد الإحرام وقبل تكبيرات العيد والجمهور بعدها قبل القراءة ومن لطائف الإستعاذة أنها طهارة للفم مما كان يتعاطاه من اللغو والرفث وتطييب له وهو لتلاوة كلام الله وهي استعانة بالله واعتراف له بالقدرة وللعبد بالضعف والعجز عن مقاومة هذا العدو المبين الباطني الذي لا يقدر على منعه ودفعه إلا الله الذي خلقه ولا يقبل مصانعة ولا يدارى بالإحسان بخلاف العدو من نوع الإنسان كما دلت على ذلك آيات من القرآن في ثلاث من المثاني وقال تعالى إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا وقد نزلت الملائكة لمقاتلة العدو البشري فمن قتله العدو الظاهر البشري كان شهيدا ومن قتله العدو الباطني كان طريدا ومن غلبه العدو الظاهري كان مأجورا ومن قهره العدو الباطني كان مفتونا أو موزورا ولما كان الشيطان يرى الإنسان من حيث لا يراه استعاذ منه بالذي يراه ولا يراه الشيطان فصل والإستعاذة هي الإلتجاء إلى الله تعالى والإلتصاق بجانبه من شر كل ذي شر والعياذة تكون لدفع الشر واللياذ لطلب جلب الخير كما قال المتنبي .
يا من ألوذ به فيما أؤمله ومن أعوذ به ممن أحاذره .
لا يجبر الناس عظما أنت كاسره ولا يهيضون عظما أنت جابره .
ومعنى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم أي أستجير بجناب الله من الشيطان الرجيم أن يضرني في ديني أو دنياي أو يصدني عن فعل ما أمرت به أو يحثني على فعل ما نهيت عنه فإن الشيطان لا يكفه عن الإنسان إلا الله ولهذا أمر تعالى بمصانعة شيطان الإنس ومداراته بإسداء الجميل إليه ليرده طبعه عما هو فيه من الأذى وأمر بالإستعاذة به من شيطان الجن لأنه لا يقبل رشوة ولا يؤثر فيه جميل لأنه شرير بالطبع ولا يكفه عنك إلا الذي خلقه وهذا المعنى في ثلاث آيات من القرآن لا أعلم لهن رابعة قوله في الأعراف خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين فهذا فيما يتعلق بمعاملة الأعداء من البشر ثم قال وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم وقال تعالى في سورة قد أفلح المؤمنون ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون وقال تعالى في سورة فصلت ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم والشيطان في لغة العرب مشتق من شطن إذا بعد فهو بعيد بطبعه عن طباع البشر وبعيد بفسقه عن كل خير وقيل مشتق من شاط لأنه مخلوق من نار ومنهم من يقول كلاهما صحيح في المعنى ولكن الأول أصح وعليه يدل كلام العرب قال أمية بن أبي الصلت في ذكر ما أوتي سليمان عليه السلام .
أيما شاط عصاه عكاه ثم يلقى في السجن والأغلال .
فقال أيما شاطن ولم يقل أيما شائط وقال النابغة الذبياني وهو زياد بن عمرو بن معاوية بن جابر بن ضباب بن يربوع بن مرة بن سعد بن ذبيان .
نأت بسعاد عنك نوى شطون فبانت والفؤاد بها رهين .
يقول بعدت بها طريق بعيدة وقال سيبويه العرب تقول تشيطن فلان إذا فعل فعل الشياطين ولو كان من شاط لقالوا تشيط فالشيطان مشتق من البعد على الصحيح ولهذا يسمون كل من تمرد من جني وإنسي وحيوان شيطانا قال الله تعالى وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا وفي مسند الإمام أحمد 5 / 178 س 8 / 275 عن أبي ذر Bه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم يا أبا ذر تعوذ بالله من شياطين الإنس والجن فقلت أو للإنس شياطين قال نعم وفي صحيح مسلم 510 عن أبي ذر أيضا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب الأسود فقلت يا رسول الله ما بال الكلب الأسود من الأحمر والأصفر فقال الكلب الأسود