يبين سبحانه بهذا قدرته العظيمة على خلق السموات والأرض وما فيها وما بينهما فقال تعالى : { خلق السموات بغير عمد } قال الحسن وقتادة : ليس لها عمد مرئية ولا غير مرئية وقال ابن عباس وعكرمة ومجاهد لها عمد لا ترونها وقد تقدم تقرير هذه المسألة في أول سورة الرعد بما أغنى عن إعادته { وألقى في الأرض رواسي } يعني الجبال أرست الأرض وثقلتها لئلا تضطرب بأهلها على وجه الماء ولهذا قال { أن تميد بكم } أي لئلا تميد بكم .
وقوله تعالى : { وبث فيها من كل دابة } أي وذرأ فيها من أصناف الحيوانات مما لا يعلم عدد أشكالها وألوانها إلا الذي خلقها ولما قرر سبحانه أنه الخالق نبه على أنه الرازق بقوله { وأنزلنا من السماء ماء فأنبتنا فيها من كل زوج كريم } أي من كل زوج من النبات كريم أي حسن المنظر وقال الشعبي : والناس أيضا من نبات الأرض فمن دخل الجنة فهو كريم ومن دخل النار فهو لئيم وقوله تعالى : { هذا خلق الله } أي هذا الذي ذكره الله تعالى من خلق السموات والأرض وما بينهما صادر عن فعل الله وخلقه وتقديره وحده لا شريك له في ذلك ولهذا قال تعالى : { فأروني ماذا خلق الذين من دونه } أي مما تعبدون وتدعون من الأصنام والأنداد { بل الظالمون } يعني المشركين بالله العابدين معه غيره { في ضلال } أي جهل وعمى { مبين } أي واضح ظاهر لا خفاء به