قد تقدم التنبيه على أن الله تعالى كثيرا ما يقرن بين ذكر موسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهما وبين كتابيهما ولهذا قال : { ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان } قال مجاهد : يعني الكتاب وقال أبو صالح : التوراة وقال قتادة : التوراة حلالها وحرامها وما فرق الله بين الحق والباطل وقال ابن زيد يعني النصر : وجامع القول في ذلك أن الكتب السماوية مشتملة على التفرقة بين الحق والباطل والهدى والضلال والغي والرشاد والحلال والحرام وعلى ما يحصل نورا في القلوب وهداية وخوفا وإنابة وخشية ولهذا قال : { الفرقان وضياء وذكرا للمتقين } أي تذكيرا لهم وعظة ثم وصفهم فقال : { الذين يخشون ربهم بالغيب } كقوله : { من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب } وقوله : { إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير } { وهم من الساعة مشفقون } أي خائفون وجلون ثم قال تعالى : { وهذا ذكر مبارك أنزلناه } يعني القرآن العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد { أفأنتم له منكرون } أي أفتنكرونه وهو في غاية الجلاء والظهور ؟