يقول تعالى : { وما منع الناس } أي أكثرهم { أن يؤمنوا } ويتابعوا الرسل إلا استعجابهم من بعثة البشر رسلا كما قال تعالى : { أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم } وقال تعالى : { ذلك بأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فقالوا أبشر يهدوننا } الاية وقال فرعون وملؤه { أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون } وكذلك قالت الأمم لرسلهم { إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين } والايات في هذا كثيرة ثم قال تعالى منبها على لطفه ورحمته بعباده أنه يبعث إليهم الرسول من جنسهم ليفقهوا منه لتمكنهم من مخاطبته ومكالمته ولو بعث إلى البشر رسولا من الملائكة لما استطاعوا مواجهته ولا الأخذ عنه كما قال تعالى : { لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم } وقال تعالى : { لقد جاءكم رسول من أنفسكم } وقال تعالى : { كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون * فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون } ولهذا قال ههنا { قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين } أي كما أنتم فيها { لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا } أي من جنسهم ولما كنتم أنتم بشرا بعثنا فيكم رسلنا منكم لطفا ورحمة