( فصل ) .
وينبغي ان يتأمل أيضا أقوال المزكين ومخارجها فقد يقول العدل فلان ثقة ولا يريد به انه ممن يحتج بحديثه وانما ذلك على حسب ما هو فيه ووجه السؤال له فقد يسأل عن الرجل الفاضل المتوسط في حديثه فيقرن بالضعفاء فيقال ما تقول في فلان وفلان وفلان فيقول فلان ثقة يريد انه ليس من نمط من قرن به فإذا سئل عنه بمفرده بين حاله في التوسط فمن ذلك ان الدوري قال عن بن معين انه سئل عن بن إسحاق وموسى بن عبدة الربذي أيهما أحب إليك فقال بن إسحاق ثقة وسئل عن محمد بن إسحاق بمفرده فقال صدوق وليس بحجة ومثله ان أبا حاتم قيل له أيهما أحب إليك يونس أو عقيل فقال عقيل لا بأس به وهو يريد تفضيله على يونس وسئل عن عقيل وزمعة بن صالح فقال عقيل ثقة متقن وهذا حكم على اختلاف السؤال وعلى هذا يحمل أكثر ما ورد من اختلاف كلام أئمة أهل الجرح والتعديل ممن وثق رجلا في وقت وجرحه في وقت آخر وقد يحكمون على الرجل الكبير في الجرح يعني لو وجد فيمن هو دونه لم يجرح به فيتعين لهذا حكاية أقوال أهل الجرح والتعديل بنصها ليتبين منها فالعلة تخفى على كثير من الناس إذا عرض على ما أصلناه والله الموفق .
( فصل ) .
قال بن المبارك من ذا سلم من الوهم وقال بن معين لست اعجب ممن يحدث فيخطئ إنما اعجب ممن يحدث فيصيب قلت وهذا أيضا مما ينبغي ان يتوقف فيه فإذا جرح الرجل بكونه أخطأ في حديث أو وهم أو تفرد ولا يكون ذلك جرحا مستقرا أولا يرد به حديثه ومثل هذا إذا ضعف الرجل في سماعه من بعض شيوخه خاصة فلا ينبغي ان يرد حديثه كله لكونه ضعيفا في ذلك الشيخ وقال الشافعي C تعالى إذا روى الثقة حديثا وان لم يروه غيره فلا يقال له شاذا إنما الشاذ ان يروي الثقات حديثا على وجه فيرويه بعضهم فيخالفه فيقال شذ عنهم وهذا صواب ومع ذلك فلا يخرج الرجل بذلك عن العدالة لأنه ليس بمعصوم من الخطأ والوهم الا إذا بين له خطؤه فأصر