وهاجر إلى أرض الحبشة - وهو ابن أربعين سنة - ثم عاد إلى رسول الله A وهو بمكة فأقام معه حتى هاجر إلى المدينة مع المقداد وكان من السابقين . وإنما خرجا مع الكفار يتوصلان إلى المدينة . وكان الكفار سرية عليهم عكرمة بن أبي جهل فلقيهم سرية للمسلمين عليهم عبيدة بن الحارث فالتحق المقداد وعتبة بالمسلمين .
ثم شهد بدرا والمشاهد كلها مع رسول الله A وسيره عمر بن الخطاب Bهما إلى أرض البصرة ليقاتل من بالأبلة من فارس فقال له لما سيره : " انطلق أنت ومن معك حتى تأتوا أقصى مملكة العرب وأدنى مملكة العجم فسر على بركة الله تعالى ويمنه اتق الله ما استطعت واعلم أنك تأتي حومة العدو وأرجو أن يعينك الله عليهم وقد كتبت إلى العلاء بن الحضرمي أن يمدك بعرفجة بن هرثمة وهو ذو مجاهدة للعدو وذو مكايدة فشاوره وادع إلى الله فمن أجابك فاقبل منه ومن أبى فالجزية عن يد مذلة وصغار وإلا فالسيف في غير هوادة واستنفر من مررت به من العرب وحثهم على الجهاد وكابد العدو واتق الله ربك " .
فسار عتبة وافتتح الأبلة واختط البصرة هو أول من مصرها وعمرها . وأمر محجن بن الأدرع فخط مسجد البصرة الأعظم وبناه بالقصب . ثم خرج حاجا وخلف مجاشع بن مسعود وأمره أن يسير إلى الفرات وأمر المغيرة بن شعبة أن يصلي بالناس فلما وصل عتبة إلى عمر استعفاه عن ولاية البصرة فأبى أن يعفيه فقال : اللهم لا تردني إليها ! .
فسقط عن راحلته فمات سنة سبع عشرة وهو منصرف من مكة إلى البصرة بموضع يقال له : معدن بني سليم قاله ابن سعد .
وقالد المدايني : مات بالربذة سنة سبع عشرة وقيل : سنة خمس عشرة وهو ابن سبع وخمسين سنة .
وكان طوالا جميلا .
أخبرنا عبد الوهاب بإسناده عن عبد الله بن أحمد حدثني أبي حدثنا وكيع حدثنا قرة بن خالد عن حميد بن هلال العدوي عن خالد بن عمير عن رجل منهم قال : سمعت عتبة بن غزوان يقول : لقد رأيتني سابع سبعة مع رسول الله A ما لنا طعام إلا ورق الحبلة حتى قرحت أشداقنا .
وفتح عتبة دست ميسان وغنم ما فيها وسبى الحريم والأبناء وممن أخذ منها : يسار أبو الحسن البصري وأرطبان جد عبد الله بن عون بن أرطبان وغيرهم .
أخبرنا يحيى بن محمود بن سعد بإسناده عن أبي بكر بن أبي عاصم قال : حدثنا أزهر بن حميد أبو الحسن حدثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي حدثنا أيوب السختياني عن حميد بن هلال عن خالد بن عمير : أن عتبة بن غزوان - وكان أمير البصرة - خطب فقال في خطبته : " ألا إن الدنيا قد ولت حذاء ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء يتصابها أحدكم وإنكم ستنتقلون منها لا محالة فانتقلوا منها بخير ما بحضرتكم إلى دار لا زوال لها فلقد ذكر لنا أن الحجر يلقى من شفا جهنم فيهوى فيها سبعين خريفا لا يبلغ قعرها . وأيم الله لتملأن ! .
ولقد ذكر لي أن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين عاما وأيم الله ليأتين عليه يوم وهو كظيظ بالزحام وأعوذ بالله أن أكون عظيما في نفسي صغيرا في أعين الناس وستجربون الأمراء بعدي " .
أخرجه الثلاثة .
عتبة بن فرقد بن يربوع .
" ب د ع " عتبة بن فرقد بن يربوع بن حبيب بن مالك بن أسعد بن رفاعة بن ربيعة بن رفاعة بن الحارث بن بهثة بن سليم السلمي أبو عبد الله .
وقال الكلبي : اسم فرقد " يربوع " أمه بنت عباد بن علقمة بن عباد بن المطلب بن عبد مناف له صحبة ورواية وكان شريفا .
وقال ابن منده : عتبه فرقد السلمي من بني مازن . غزا مع النبي A غزوتين .
أخبرنا أبو منصور بن مكارم بن سعد المؤدب بإسناده إلى زكريا يزيد بن إياس الأزدي قال : أخبرنا عبد الله بن عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي حدثنا هشيم أخبرنا حصين قال : كان عتبة بن فرقد شهد خيبر مع رسول الله A قال : فقسم له فأصابه منها سهم فجعلها لبني عمه عاما ولأخواله عاما . فكان بنو سليم يجيئون عاما فيأخذونه وكان بنو فلان - يعني أخواله - يجيئون عاما فيأخذونه قال هشيم : كان حصين بينه وبينه قرابة - يعني عتبة - وكان أميرا لعمر بن الخطاب على بعض فتوح العراق