أخبرنا أبو محمد القاسم بن علي بن الحسن الدمشقي إجازة أخبرنا أبي أخبرنا أبو السعود حدثنا أحمد بن محمد بن المجلي أخبرنا محمد بن محمد بن أحمد العكبري أخبرنا محمد بن أحمد بن خاقان أخبرنا أبو بكر بن دريد قال : قام الحسن بعد موت أبيه أمير المؤمنين فقال بعد حمد الله D : إنا والله ما ثنانا عن أهل الشام شك ولا ندم وإنما كنا نقاتل أهل الشام بالسلامة والصبر فسلبت السلامة بالعداوة والصبر بالجزع وكنتم في منتدبكم إلى صفين ودينكم أمام دنياكم فأصبحتم اليوم ودنياكم أمام دينكم ألا وإنا لكم كما كنا ولستم لنا كما كنتم ألا وقد أصبحتم بين قتيلين : قتيل بصفين تبكون له وقتيل بالنهروان تطلبون بثأره فأما الباقي فخاذل وأما الباكي فثائر ألا وإن معاوية دعانا إلى أمر ليس فيه عز ولا نصفة فإن أردتم الموت رددناه عليه وحاكمناه إلى الله D بظبا السيوف وإن أردتم الحياة قبلناه وأخذنا لكم الرضا فناداه القوم من كل جانب : البقية البقية فلما أفردوه أمضى الصلح .
أخبرنا إبراهيم بن محمد بن مهران الفقيه وغير واحد قالوا بإسنادهم إلى أبي عيسى الترمذي قال : حدثنا محمود بن غيلان أخبرنا أبو داود الطيالسي أخبرنا القاسم بن الفضل الحداني عن يوسف بن سعد .
قال : قام رجل إلى الحسن بن علي بعد ما بايع معاوية فقال : سودت وجوه المؤمنين أو : يا مسود وجوه المؤمنين فقال : لا تؤنبني رحمك الله فإن النبي A أرى بني أمية على منبره فساءه ذلك فنزلت : " إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر " تملكها بعدي بنو أمية .
وقد اختلف في الوقت الذي سلم فيه الحسن الأمر إلى معاوية فقيل : في النصف من جمادى الأولى سنة إحدى وأربعين وقيل : لخمس بقين من ربيع الأول منهما وقيل : في ربيع الآخر فتكون خلافته على هذا ستة أشهر واثني عشر يوما وعلى قول من يقول : في ربيع الآخر تكون خلافته ستة أشهر وشيئا وعلى قول من يقول : في جمادى الأولى نحو ثمانية أشهر والله أعلم وقول من قال سلم الأمر سنة إحدى وأربعين أصح ما قيل فيه وأما من قال : سنة أربعين فقد وهم .
ولما بايع الحسن معاوية خطب الناس قبل دخول معاوية الكوفة فقال : أيها الناس إنما نحن أمراؤكم وضيفانكم ونحن أهل بيت نبيكم الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وكرر ذلك حتى ما بقي إلا من بكى حتى سمع نشيجه .
ولما دخل معاوية الكوفة وبايعه الناس قال عمرو بن العاص لمعاوية : لتأمر الحسن ليخطب فقال : لا حاجة بنا إلى ذلك فقال عمرو : لكني أريد ذلك ليبدو عيه فإنه لا يدري هذه الأمور فقال له معاوية : قم يا حسن فكلم الناس فيما جرى بيننا فقام الحسن في أمر لم يرو فيه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال في بديهته : أما بعد أيها الناس فإن الله هداكم بأولنا وحقن دماءكم بآخرنا ألا إن أكيس الكيس التقى وإن أعجز العجز الفجور وإن هذا الأمر الذي اختلف أنا ومعاوية فيه : إما أن يكون أحق به مني وإما أن يكون حقي تركته لله D ولإصلاح أمة محمد A حقن دمائكم ثم التفتت إلى معاوية وقال : " وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين " فأمره معاوية بالنزول وقال لعمرو : ما أردت إلا هذا .
وقد اختلف في وقت وفاته فقيل : توفي سنة تسع وأربعين وقيل : سنة خمسين وقيل : سنة إحدى وخمسين وكان يخضب بالوسمة .
وكان سبب موته أن زوجته جعدة بنت الأشعث بن قيس السم فكانت توضع تحته طست وترفع أخرى نحو أربعين يوما فمات منه ولما اشتد مرضه قال لأخيه الحسين Bهما : يا أخي سقيت السم ثلاث مرات لم أسق مثل هذه إني لأضع كبدي قال الحسين : من سقاك يا أخي قال : ما سؤالك عن هذا أتريد أن تقاتلهم أكلهم إلى الله D . ولما حضرته الوفاة أرسل إلى عائشة يطلب منها أن يدفن مع النبي A فلقد كنت طلبت منها فأجابت إلى ذلك فلعلها تستحي مني فإن أذنت فادفني في بيتها وما أظن القوم يعني بني أمية إلا سيمنعونك فإن فعلوا فلا تراجعهم في ذلك وادفني في بقيع الغرقد