حكيت لنا الصديق لما وليتنا ... وعثمان والفاروق فارتاح معدم .
وسويت بين الناس في الحق فاستووا ... فعاد صباحا حالك الليل مظلم .
أتاك أبو ليلى تجوب به الدجى ... دجى الليل جواب الفلاة عرمرم .
لتجبر منه جانبا دعدعت به ... صروف الليالي والزمان المصمصم .
قال : فقال له ابن الزبير : أمسك عليك يا أبا ليلى فإن الشعر أهون وسائلك عندنا . أما صفوة ما لنا فإن بني أسد شغلتنا عنك وأما صفوته فلآل الزبير ولكن لك في مال الله حقان : حق لرؤيتك رسول الله A وحق لشركتك أهل الإسلام في فيهم ثم أدخله دار النعم . فأعطاه قلائص سبعا وفرسا وخيلا وأوقر له الركاب برا وتمرا وثيابا فجعل النابغة يستعجل ويأكل الحب صرفا فقال ابن الزبير : ويح أبي ليلى لقد بلغ منه الجهد فقال النابغة : أشهد لسمعت رسول الله A يقول : " ما وليت قريش فعدلت واسترحمت فرحمت وحدثت فصدقت ووعدت خيرا فأنجزت فأنا والنبيون فراط القادمين ألا " . وذكر كلمة معناها أنهم تحت النبيين بدرجة في الجنة .
قال الزبير : كتب يحيى بن معين هذا الحديث عن أخي وذكر أبو الفرج الأصبهاني هذا الحديث فقال : حدثني به محمد بن جرير الطبري من حفظه عن أحمد بن زهير بإسناده ومما يستحسن ويستجاد للنابغة الجعدي : .
فتى كملت خيراته غير أنه ... جواد فلا يبقى من المال باقيا .
فتى تم فيه ما يسر صديقه ... على أن فيه ما يسوء الأعاديا .
وأنشدني أبو عثمان سعد بن نصر قال : أنشدنا أبو محمد قاسم بن أصبغ اليماني قال : أنشدنا أبو عبد الله محمد بن عبد السلام الخشني قال : هذا ما أنشدنا أبو العقيل الرياشي من قصيدة النابغة الجعدي : .
تذكرت والذكرى تهيج للفتى ... ومن حاجة المحزون أن يتذكرا .
نداماي عند المنذر بن محرق ... أرى اليوم منهم ظاهر الأرض مقفرا .
تقضى زمان الوصل بيني وبينها ... ولم ينقض الشوق الذي كان أكثرا .
وإني لأستشفي برؤية جارها ... إذا ما لقائيها علي تعذرا .
وألقي على جيرانها مسحة الهوى ... وإن لم يكونوا لي قبيلا ومعشرا .
ترديت ثوب الذل يوم لقيتها ... وكان ردائي نخوة وتجبرا .
حسبنا زمانا كل بيضاء شحمة ... ليالي إذ نغزو جذاما وحميرا .
إلى أن لقينا الحي بكر بن وائل ... ثمانين ألفا دارعين وحسرا .
فلما قرعنا النبع بالنبع بعضه ... ببعض أبت عيدانه أن تكسرا .
سقيانهم كأسا سقونا بمثلها ... ولكننا كنا على الموت أصبرا .
بنفسي وأهلي عصبة سلمية ... يعدون للهيجا عناجيج ضمرا .
وقالوا لنا أحيوا لنا من قتلتم ... لقد جئتم إدا من الأمر منكرا .
ولسنا نرد الروح في جسم ميت ... وكنا نسيل الروح ممن تنشرا .
نميت ولا نحيي كذلك صنعنا ... إذا البطل الحامي إلى الموت أهجرا .
ملكنا فلم نكشف قناعا لحرة ... ولم نستلب إلا الحديد المسمرا .
ولو أننا شئنا سوى ذاك أصبحت ... كرائمهم فينا تباع وتشترى .
ولكن أحسابا نمتنا إلى العلا ... وآباء صدق أن يروم المحقرا .
وإنا لقوم ما نعود خيلنا ... إذا ما التقينا أن تحيد وتنفرا .
وننكر يوم الروع ألوان خيلنا ... من الطعن حتى نحسب الجون أشقرا .
وليس بمعروف لنا أن نردها ... صحاحا ولا مستنكرا أن تعقرا .
أتيت رسول الله إذ جاء بالهدى ... ويتلوا كتابا كالمجرة نيرا .
بلغنا السماء مجدنا وجدودنا ... وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا .
ولا خير في حلم إذا لم يكن له ... بوادر تحمى صفوه أن يكدرا .
ولا خير في جهل إذا لم يكن له ... حليم إذا ما أورد الأمر أصدرا