وقال ابن بكير عن الليث : توفي معاوية في رجب لأربع ليال بقين منه سنة ستين وقال : إنه أول من جعل ابنه ولي العهد خليفة بعده في صحته وقال الزبير : هو أول من اتخذ ديوان الخاتم وأمر بهدايا النيروز والمهرجان . واتخذ المقاصير في الجوامع . وأول من قتل مسلما صبرا حجرا وأصحابه . وأول من أقام على رأسه حرسا . وأول من قيدت بين يديه الجنائب . وأول من اتخذ الخصيان في الإسلام . وأول من بلغ درجات المنبر خمس عشرة رقاة . وكان يقول : أنا أول الملوك .
قال أبو عمر : روى عنه من الصحابة طائفة وجماعة من التابعين بالحجاز والشام والعراق . قال الأوزاعي : أدركت خلافة معاوية جماعة من أصحاب رسول الله A لم ينتزعوا يدا من طاعة ولا فارقوا جماعة وكان زيد بن ثابت يأخذ العطاء من معاوية .
حدثنا خلف بن قاسم قال : حدثنا عبد الرحمن بن عمر قال : حدثنا أبو زرعة قال : حدثنا أبو مسهر قال : حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن أبي عبد ربه قال : رأيت معاوية يصفر لحيته كأنها الذهب .
وروى ابن وهب عن مالك قال : قال معاوية : لقد يتفت الشيب كذا وكذا سنة . وله فضيلة جليلة رويت من حديث الشاميين رواها معاوية ابن صالح عن يونس بن سيف عن الحارث بن زياد عن أبي رهم السماعي أنه سمع العرباض بن سارية يقول : سمعت رسول الله A يقول : " اللهم علم معاوية الكتاب والحساب وقه العذاب " . رواه عن معاوية بن صالح أسد ابن موسى وعبد الله بن صالح وعبد الرحمن بن مهدي وبشر بن السري وغيرهم إلا أن الحارث بن زياد مجهول لا يعرف بغير هذا الحديث .
وروى أبو داود الطيالسي قال : حدثنا هشام وأبو عوانة عن أبي حمزة عن ابن عباس أن رسول الله A بعث إلى معاوية يكتب له . فقيل : إنه يأكل . ثم بعث إليه فقيل : إنه يأكل . فقال رسول الله A : " لا أشبع الله بطنه " من مسند أبي داود الطيالسي . ومن جامع معمر رواية عبد الرزاق قال : حدثنا معمر عن عبد الله بن محمد بن عقيل أن معاوية لما قدم المدينة لقيه أبو قتادة الأنصاري فقال له معاوية : يا أبا قتادة تلقاني الناس كلهم غيركم يا معشر الأنصار ما منعكم قال : لم يكن معنا دواب . قال معاوية : فأين النواضح قال أبو قتادة : عقرناها في طلبك وطلب أبيك يوم بدر . قال : نعم يا أبا قتادة قال أبو قتادة : إن رسول الله A قال لنا : " إنا نرى بعده أثرة " . قال معاوية : فما أمركم عند ذلك قال : أمرنا بالصبر . قال : " فاصبروا حتى تلقوه " . قال : فقال عبد الرحمن بن حسان حين بلغه ذلك : .
ألا أبلغ معاوية بن صخر ... أمير المؤمنين نثا كلامي .
فإنا صابرون ومنظروكم ... إلى يوم التغابن والخصام .
وروى ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن قال : أخبرني المسور بن مخرمة أنه وفد على معاوية قال : فلما دخلت عليه سلمت قال : فقال ما فعل طعنك على الأئمة يا مسور قال : قلت : دعنا من هذا وأحسن فيما قدمنا له . قال : والله لتكلمن بذات نفسك . قال : فلم أدع شيئا أعيبه عليه إلا بينته له . فقال : لا أتبرأ من الذنوب فملك يا مسور ذنوب تخاف أن تهلك إن لم يغفرها الله لك قال : فقلت : بلى . قال : فما جعلك أحق أن ترجو المغفرة مني فوالله لما ألى من الإصلاح بين الناس وإقامة الحدود والجهاد في سبيل الله والأمور العظام التي لست أحصيها ولا تحصيها أكثر مما تلي وإني لعلي دين يقبل الله فيه الحسنات ويعفو عن السيئات والله لعلى ذلك ما كنت لا أخير بين الله وبين ما سواه إلا اخترت الله على ما سواه . قال مسور : ففكرت حين قال ما قال فعرفت أنه خصمني . قال : فكان إذا ذكر بعد ذلك دعا له بالخير .
وهذا الخبر من أصح ما يروى من حديث ابن شهاب رواه عنه معمر وجماعة من أصحابه . روى أسد بن موسى قال : حدثنا أبو هلال قال : حدثنا قتادة قال : قلت للحسن : يا أبا سعيد إن ها هنا ناسا يشهدون على معاوية أنه من أهل النار . قال : لعنهم الله وما يدريهم من في النار