توفي بها ودفن في مقبرتها وذلك سنة أربعين وكان فصيحا خطيبا يقال : إنه لم يكن في بني أمية أخطب منه . خطب أهل مصر يوما وهو وال عليها فقال : يا أهل مصر خف على ألسنتكم مدح الحق ولا تأتونه وذم الباطل وأنتم تفعلونه كالحمار يحمل أسفارا يثقل حملها ولا ينفعه علمها وإني لا أداوي داءكم إلا بالسيف ولا أبلغ السيف ما كفاني السوط ولا أبلغ السوط ما صلحتم بالدرة وأبطىء عن الأولى إن لم تسرعوا إلى الآخرة فالزموا ما ألزمكم الله لنا تستوجبوا ما فرض الله لكم علينا . وهذا يوم ليس فيه عقاب ولا بعده عتاب . وقد قيل : إن عتبة ابن أبي سفيان توفي سنة ثلاث وأربعين .
عتبة بن عبد الله بن صخر .
بن خنساء الأنصاري . شهد العقبة وبدرا .
عتبة بن غزوان بن جابر .
ويقال عتبة بن غزوان بن الحارث بن جابر بن وهب بن نسيب بن زيد بن مالك بن الحارث بن عوف بن مازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان ابن مضر بن نزار المازني . حليف لبني نوفل بن عبد مناف بن قصي يكنى أبا عبد الله . وقيل أبا غزوان . كان إسلامه بعد ستة رجال فهو سابع سبعة في إسلامه . وقد قال ذلك في خطبته بالبصرة . ولقد رأيتني مع رسول الله A سابع سبعة ما لنا طعام إلا ورق الشجر حتى قرحت أشداقنا . هاجر في أرض الحبشة وهو ابن أربعين سنة ثم قدم على النبي A وهو بمكة وأقام معه حتى هاجر إلى المدينة مع المقداد بن عمرو ثم شهد بدرا والمشاهد كلها وكان يوم قدم المدينة ابن اربعين سنة وكان أول من نزل من البصرة من المسلمين وهو الذي اختطها وقال له عمر لما بعثه إليها : يا عتبة إني أريد أن أوجهك لتقاتل بلد الحيرة لعل الله سبحانه يفتحها عليكم فسر على بركة الله تعالى ويمنه واتق الله ما استطعت . واعلم أنك ستأتي حومة العدو . وأرجو أن يعينك الله عليهم ويكفيكهم . وقد كتبت إلى العلاء بن الحضرمي أن يمدك بعرفجة بن هرثمة وهو ذو مجاهدة للعدو وذو مكايدة شديدة فشاوره وادع إلى الله D فمن أجابك فاقبل منه ومن أبى فالجزية عن يد مذلة وصغار وإلا فالسيف في غير هوادة واستنفر من مررت به من العرب وحثهم على الجهاد وكابد العدو واتق الله ربك .
فافتتح عتبة بن غزوان الأبلة ثم اختط مسجد البصرة وأمر محجن بن الأدرع فاختط مسجد البصرة الأعظم وبناه بالقصب ثم خرج عتبة حاجا وخلف مجاشع بن مسعود وأمره أن يسير إلى الفرات وأمر المغيرة بن شعبة أن يصلي بالناس فلم ينصرف عتبة من سفره ذلك في حجته حتى مات فأقر عمر المغيرة بن شعبة على البصرة .
وكان عتبة بن غزوان قد استعفى عمر عن ولايتها فأبى أن يعفيه فقال : اللهم لا تردني إليها فسقط عن راحلته فمات سنة سبع عشرة وهو منصرف من مكة إلى البصرة بموضع يقال له معدن بني سليم قاله ابن سعد ويقال : بل مات بالربذة سنة سبع عشرة قاله المدائني . وقيل : بل مات عتبة بن غزوان سنة خمس عشرة وهو ابن سبع وخمسين سنة بالمدينة .
وكان رجلا طوالا . وقيل : إنه مات في العام الذي اختط فيه البصرة وذلك في سنة أربع عشرة وسنه ما ذكرنا وأما قول من قال : إنه مات بمرو فليس بشيء والله أعلم بالصحيح من هذه الأقوال