قال أبو عمر : ليزيد بن مفرغ في هجو زياد وبنيه من أجل ما لقى من عباد بن زياد بخراسان أشعار كثيرة وقصته مع عباد بن زياد وأخيه عبيد الله بن زياد مشهورة ومن قوله يهجوهم : الطويل .
أعباد ما للؤم عنك محول ... ولا لك أم في قريش ولا أب .
وقل لعبيد الله مالك والد ... بحق ولا يدري امرؤ كنت تنسب .
وروى الأصمعي عن عبد الرحمن بن أبي الزناد قال : قال عبيد الله بن زياد : ما هجيت بشيء أشد على من قول ابن مفرغ : البسيط .
فكر ففي ذاك إن فكرت معتبر ... هل نلت مكرمة إلا بتأمير .
عاشت سمية ماعاشت وما علمت ... إن ابنها من قريش في الجماهير .
وقال غيره أيضا : الوافر .
زياد لست أدري من أبوه ... ولكن الحمار أبو زياد .
وروينا أن معاوية قال حين أنشده مروان شعر أخيه عبد الرحمن : والله لا أرضي عنه حتى يأتي زيادا فيترضاه ويعتذر إليه . وأتاه عبد الرحمن يستأذن عليه معتذرا فلم يأذن له فأقبلت قريش على عبد الرحمن بن الحكم فلم يدعوه حتى أتى زيادا فلما دخل عليه وسلم فتشاوس له زياد بعينه وكان يكسر عينه فقال له زياد : أنت القائل ما قلت فقال عبد الرحمن : وما الذي قلت قال : قلت مالا يقال . فقال عبد الرحمن : أصلح الله الأمير إنه لا ذنب لمن أعتب وإنما الصفح عمن أذنب ؛ فاسمع مني ما أقول . قال : هات . فأنشأ يقول الوافر .
إليك أبا المغيرة تبت مما ... جرى بالشام من جور اللسان .
وأغضبت الخليفة فيك حتى ... دعاه فرط غيظ أن لحاني .
وقلت لمن يلمني في اعتذاري ... إليك الحق شأنك غير شأني .
عرفت الحق بعد خطاء رأيي ... وما ألبسته غير البيان .
زياد من أبي سفيان غصن ... تهادى ناضرا بين الجنان .
أراك أخا وعما وابن عم ... فما أدري بعين من تراني .
وأنت زيادة في آل حرب ... أحب إلي من وسطى بناني .
ألا بلغ معاوية بن حرب ... فقد ظفرت بما يأتي اليدان .
فقال له زياد : أراك أحمق مترفا شاعرا صنع اللسان يسوغ لك ريقك ساخطا ومسخوطا عليك ولكنا قد سمعنا شعرك وقبلنا عذرك فهات حاجتك . قال : كتاب إلى أمير المؤمنين بالرضا عني . قال : نعم ثم دعا كاتبه فقال : اكتب : بسم الله الرحمن الرحيم لعبد الله معاوية أمير المؤمنين من زياد بن أبي سفيان سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد : فإنه وذكر الخبر وفيه . فأخذ الكتاب ومضى حتى دخل على معاوية فقرأ الكتاب ورضي عنه ورده إلى حاله وقال : قبح الله زياد ! .
ألم يتنبه له إذ قال : وأنت زيادة في آل حرب .
قال أبو عمر : روينا أن زيادا كتب إلى معاوية أني قد أخذت العراق بيميني وبقيت شمالي فارغة - يعرض له بالحجاز فبلغ ذلك عبد الله بن عمر فقال : اللهم اكفنا شمال زياد فعرضت له قرحة في شماله فقتلته ولما بلغ ابن عمر زياد قال : اذهب إليك ابن سمية فقد أراح الله منك .
حدثنا خلف بن قاسم حدثنا الحسن بن رشيق حدثنا أبو بشر الدولابي حدثنا إبراهيم بن أبي داود حدثنا خريم بن عثمان حدثنا أبو هلال عن قتادة قال : قال زياد لبنيه لما احتضر : ليت أباكم كان راعيا في أدناها وأقصاها ولم يقع بالذي وقع به . وقال أبو الحسن المدائني : ولد زياد عام التاريخ . ومات بالكوفة يوم الثلاثاء لأربع خلون من شهر رمضان سنة ثلاث وخمسين وهو ابن ثلاث وخمسين سنة .
زياد بن الحارث الصدائي .
وصداء حي من اليمن وهو حليف لبني الحارث بن كعب بايع النبي A وأذن بين يديه يعد في المصريين وأهل المغرب