فلما كان بعد أيام جاء عبد الله بن الزبير في ليلة ذات ريح وظلمة وبرد شديد ومعه جماعة من عسكرهم فطرقوا عثمان بن حنيف في دار الإمارة فأخذه ثم انتهوا به إلى بيت المال فوجدوا أناسا من الزط يحرسونه فقتلوا منهم أربعين رجلا وأرسلوا بما فعله من أخذ عثمان وأخذ ما في بيت المال إلى عائشة يستشيرونها في عثمان وكان الرسول أليها أبان بن عثمان فقالت عائشة اقتلوا عثمان بن حنيف .
فقالت لها امرأة نشادتك الله يا أم المؤمنين في عثمان بن حنيف وصحبته لرسول الله A فقالت ردوا أبانا فردوه فقالت احبسوه ولا تقتلوه فقال أبان لو أعلم أنك رددتني لهذا لم أرجع وجاء فأخبرهم فقال لهم مجاشع بن مسعود اضربوه وانتفوا شعر لحيته فضربوه أربعين سوطا ونتفوا شعر لحيته وحاجبه وأشفار عينه فلما كانت الليلة التي أخذ فيها عثمان بن حنيف غدا عبد الله بن الزير إلى الزابوقة ومدينة الزرق وفيها طعام يرزقونه الناس فأراد أن يرزقه أصحابه وبلغ حكيم ابن جبلة ما صنع بعثمان بن حنيف فقال لست أخاه إن لم أنصره فجاء في سبعمائة من عبد القيس وبكر بن وائل وأكثرهم عبد القيس فأتى ابن الزبير في مدينة الزرق فقال مالك يا حكيم قال تريد أن نرزق من هذا الطعام وأن تخلوا عثمان بن حنيف فيقيم في دار الإمارة على ما كنتم كتبتم بينكم وبينه حتى يقدم على ما تراضيتم عليه وأيم الله لو أجد أعونا عليكم ما رضيت بهذا منكم حتى أقتلكم بمن قتلتم ولقد أصبحتم وإن دماءكم لحلال بمن قتلتم من إخواننا أما تخافون الله بم تستحلون الدماء قالوا بدم عثمان قال فالذين قتلتموهم قتلوا عثمان أو حضروا قتله أما تخافون الله فقال ابن الزبير لا نرزقكم من هذا الطعام ولا نخلي عثمان حتى نخلع عليا فقال حكيم اللهم اشهد اللهم اشهد وقال لأصحابه إني لست في شك من قتال هؤلاء فمن كان في شك فلينصرف فقاتلهم فاقتتلوا قتالا شديدا وضرب رجل ساق حكيم فقطعها فأخذ حكيم الساق فرماه بها فأصاب عنقه فصرعه ووقذه ثم حجل اله فقتله وقتل يومئذ سبعون رجلا من عبد القيس .
باب حمزة .
حمزة بن عبد المطلب .
حمزة بن عبد المطلب بن هاشم عم النبي A وكان يقال له أسد الله وأسد رسوله يكنى أبا عمارة وأبا يعلى أيضا بابنيه عمارة ويعلى أيضا بابنيه عمارة ويعلى .
أسلم في السنة الثانية من البعث وقيل بل كان إسلام حمزة بعد دخول رسول الله A دار الأرقم في السنة السادسة من مبعثه A كان أسن من رسول الله A بأربع سنين وهذا لا يصح عندي لأن الحديث الثابت أن حمزة وعبد الله بن الأسد أرضعتها ثويبة مع رسول الله A إلا أن تكون أرضعتهما في زمانين .
وذكر البكائي عن ابن إسحاق قال كان حمزة أسن من رسول الله A بسنتين وقال المدائني أول سرية بعثها رسول الله A مع حمزة بن عبد المطلب في ربيع الأول من سنة اثنتين إلى سيف البحر من أرض جهينه وخالفة ابن إسحاق فجعلها لعبيدة بن الحارث .
قال ابن إسحاق وبعض الناس يزعمون أن راية حمزة أول راية عقدها رسول الله A قال وكان حمزة أخا رسول الله A من الرضاعة أرضعتهما ثويبة ولم تدرك الإسلام فلما أسلم من أعمام رسول الله A إلا حمزة والعباس .
واختلف في أعمام رسو الله A فقيل عشرة وقيل اثنا عشر ومن جعلهم اثني عشر جعل عبد الله أباه ثالث عشر من بني عبد المطلب وقال هم أبو طالب واسمه عبد مناف والحارث وكان أكبر ولد عبد المطلب والزبير وعبد الكعبة وحمزة والعباس والمقوم وحجل واسمه المغيرة وضرار وقثم وأبو لهب وأسمه عبد العزى والغيداق فهؤلاء اثنا عشر رجلا كلهم بنو عبد المطلب وعبد الله أبو رسول الله A ثالث عشر هكذا ذكرهم جماعة من أهل العلم بالنسب ومنهم ابن كيسان وغيره .
ومن جعلهم عشرة أسقط عبد الكعبة وقال هو المقوم وجعل الغيداق وحجلا واحدا ومن جعلهم تسعة أسقط قثم ولم يختلفوا أنه لم يسلم منهم إلا حمزة والعباس