15 - رفيع الدرجات ذو العرش يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق .
- 16 - يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء لمن الملك اليوم لله الواحد القهار .
- 17 - اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب .
يقول تعالى مخبرا عن عظمته وكبريائه وارتفاع عرشه العظيم العالي على جميع مخلوقاته كالسقف لها كما قال تعالى : { تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة } . وقد ذكر غير واحد أن العرش من ياقوتة حمراء اتساع ما بين قطريه مسيرة خمسين ألف سنة وارتفاعه عن الأرض السابعة مسيرة خمسين ألف سنة وقوله تعالى : { يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده } كقوله جلت عظمته : { ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أن لا إله إلا أنا فاتقون } وكقوله تعالى : { نزل به الروح الأمين ... على قلبك لتكون من المنذرين } ولهذا قال D : { لينذر يوم التلاق } قال ابن عباس : { يوم التلاق } اسم من أسماء يوم القيامة حذر الله منه عباده يلتقي فيه آدم وآخر ولده وقال ابن زيد : يلتقي فيه العباد . وقال قتادة والسدي : يلتقي فيه أهل السماء وأهل الأرض والخالق والخلق وقال ميمون بن مهران : يلتقي الظالم والمظلوم وقد يقال إن يوم التلاق يشمل هذا كله ويشمل أن كل عامل سيلقى ما عمله من خير وشر كما قاله آخرون وقوله جل جلاله : { يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء } أي ظاهرون بادون كلهم لا شيء يكنهم ولا يظلهم ولا يسترهم { لمن الملك اليوم ؟ لله الواحد القهار } قد تقدم في حديث ابن عمر Bهما أنه تعالى يطوي السماوات والأرض بيده ثم يقول : أنا الملك أنا الجبار أنا المتكبر أين ملوك الأرض ؟ أين الجبارون ؟ وفي حديث الصور أنه D إذا قبض أرواح جميع خلقه فلم يبق سواه وحده لا شريك له حينئذ يقول : { لمن الملك اليوم } ؟ ثلاث مرات ثم يجيب نفسه قائلا : { لله الواحد القهار } أي الذي قهر كل شيء وغلبه وقد قال ابن عباس Bهما : ينادي مناد بين يدي الساعة يا أيها الناس أتتكم الساعة فيسمعها الأحياء والأموات قال وينزل الله D إلى السماء الدنيا ويقول : { لمن الملك اليوم لله الواحد القهار } ( أخرجه ابن أبي حاتم عن ابن عباس موقوفا ) وقوله جلت عظمته : { اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب } يخبر تعالى عن عدله بين خلقه أنه لا يظلم مثقال ذرة من خير ولا من شر بل يجزي بالحسنة عشر أمثالها وبالسيئة واحدة ولهذا قال تبارك وتعالى : { لا ظلم اليوم } كما ثبت في صحيح مسلم : " يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا - إلى أن قال - يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها عليكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله تبارك وتعالى ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه " . وقوله D : { إن الله سريع الحساب } أي يحاسب الخلائق كلهم كما يحاسب نفسا واحدة كما قال جل وعلا : { ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة }