10 - إن الذين كفروا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون .
- 11 - قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل .
- 12 - ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير .
- 13 - هو الذي يريكم آياته وينزل لكم من السماء رزقا وما يتذكر إلا من ينيب .
- 14 - فادعوا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون .
يقول تعالى مخبرا عن الكفار : أنهم ينادون يوم القيامة وهم في غمرات النيران يتلظون وذلك عندما باشروا من عذاب الله تعالى ما لا قبل لأحد به فمقتوا عند ذلك أنفسهم وأبغضوها غاية البغض بسبب ما أسلفوا من الأعمال السيئة التي كانت سبب دخولهم إلى النار فأخبرتهم الملائكة عند ذلك بأن مقت الله تعالى لهم في الدنيا حين كان يعرض عليهم الإيمان فيكفرون أشد من مقتكم أيها المعذبون أنفسكم في هذه الحالة قال قتادة : المعنى لمقت الله أهل الضلالة حين عرض عليهم الإيمان في الدنيا فتركوه وأبوا أن يقبلوه أكبر مما مقتوا أنفسهم حين عاينوا عذاب الله يوم القيامة ( وهكذا قال الحسن البصري ومجاهد والسدي ) وقوله : { قالوا ربنا أمتنا .
اثنتين وأحييتنا اثنتين } قال ابن مسعود Bه : هذه الآية كقوله تعالى : { كيف تكفرون الله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون } وهذا هو الصواب الذي لا شك فيه ولا مرية والمقصود أن الكفار يسألون الرجعة وهم وقوف بين يدي الله D في عرصات القيامة كما قال D : { ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون } فلا يجابون ثم إذا رأوا النار وعاينوها ووقفوا عليها ونظروا إلى ما فيها من العذاب والنكال سألوا الرجعة أشد مما سألوا أول مرة فلا يجابون قال الله تعالى : { ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين } فإذا دخلوا النار وذاقوا مسها وحسيسها ومقامعها وأغلالها كان سؤالهم للرجعة أشد وأعظم { وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل } كقوله { ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون } وفي هذه الآية الكريمة تلفظوا في السؤال وقدموا بين يدي كلامهم مقدمة وهي قولهم : { ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين } أي قدرتك عظيمة فإنك أحييتنا بعد ما كنا أمواتا ثم أمتنا ثم أحييتنا فأنت قادر على ما تشاء وقد اعترفنا بذنوبنا وإننا كنا ظالمين لأنفسنا في الدار الدنيا { فهل إلى خروج من سبيل } أي فهل أنت مجيبنا إلى أن تعيدنا إلى الدار الدنيا ؟ فإنك قادر على ذلك لنعمل غير الذي كنا نعمل فإن عدنا إلى ما كنا فيه فإنا ظالمون فأجيبوا أن لا سبيل إلى عودكم ومرجعكم إلى الدار الدنيا ثم علل المنع من ذلك بأن سجاياكم لا تقبل الحق ولا تقتضيه بل تمجه وتنفيه { ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا } أي أنتم هكذا تكونون وإن رددتم إلى الدار الدنيا كما قال D { ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون } .
وقوله جل وعلا : { فالحكم لله العلي الكبير } أي هو الحاكم في خلقه العادل الذي لا يجور فيهدي من يشاء ويضل من يشاء ويرحم من يشاء ويعذب من يشاء . وقوله جل جلاله : { هو الذي يريكم آياته } أي يظهر قدرته لخلقه بما يشاهدونه في خلقه العلوي والسفلي من الآيات العظيمة الدالة على كمال خالقها ومبدعها ومنشئها { وينزل لكم من السماء رزقا } وهو المطر الذي يخرج به من الزروع والثمار ما هو مشاهد بالحس من اختلاف ألوانه وطعومه وروائحه وأشكاله وألوانه وهو ماء واحد فبالقدرة العظيمة فاوت بين هذه الأشياء { وما يتذكر } أي يعتبر ويتفكر في هذه الأشياء ويستدل بها على عظمة خالقها { إلا من ينيب } أي من هو بصير منيب إلى الله تبارك وتعالى وقوله D : { فادعوا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون } أي فأخلصوا لله وحده العبادة والدعاء وخالفوا المشركين في مسلكهم ومذهبهم قال الإمام أحمد : كان عبد الله بن الزبير يقول في دبر كل صلاة حين يسلم " لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا حول ولا قوة إلا بالله لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون . قال : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يهل بهن دبر كل صلاة " ( أخرجه أحمد ورواه مسلم والترمذي والنسائي ) وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم كان يقول عقب الصلوات المكتوبات : " لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا حول ولا قوة إلا بالله لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه " الحديث وقال النبي صلى الله عليه وسلّم : " ادعوا الله تبارك وتعالى وأنتم موقنون بالإجابة واعلموا أن الله تعالى لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه " ( أخرجه ابن .
أبي حاتم عن أبي هريرة مرفوعا )