4 - وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون فقد جاؤوا ظلما وزورا .
- 5 - وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا .
- 6 - قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض إنه كان غفورا رحيما .
يقول تعالى مخبرا عن سخافة عقول الجهلة من الكفار في قولهم عن القرآن { إن هذا إلا إفك } أي كذب { افتراه } يعنون النبي صلى الله عليه وسلّم { وأعانه عليه قوم آخرون } أي واستعان على جمعه بقوم آخرين ( يعنون : جبرا مولى الحضرمي وعداسا غلام عتبة والقائل : أبو جهل لعنه الله ) فقال الله تعالى : { فقد جاؤوا ظلما وزورا } أي فقد افتروا هم قولا باطلا وهم يعلمون أنه باطل ويعرفون كذب أنفسهم فيما زعموه { وقالوا أساطير الأولين اكتتبها } يعنون كتب الأوائل أي استنسخها { فهي تملى عليه } أي تقرأ عليه { بكرة وأصيلا } أي أول النهار وآخره وهذا الكرم لسخافته وكذبه كل أحد يعلم بطلانه فإنه قد علم بالتواتر أن محمدا صلى الله عليه وسلّم لم يكن يعاني شيئا من الكتابة لا في أول عمره ولا في آخره وقد نشأ بين أظهرهم من أول مولده إلى أن بعثه الله نحوا من أربعين سنة وهم يعرفون مدخله ومخرجه وصدقته ونزاهته وبره وأمانته حتى إنهم كانوا يسمونه في صغره وإلى أن بعث : ( الأمين ) لما يعلمون من صدقه وبره فلما أكرمه الله بما أكرمه به نصبوا له العدواة ورموه بهذه الأقوال التي يعلم كل عاقل براءته منها وحاروا فيما يقذفونه به فتارة من إفكهم يقولون ساحر وتارة يقولون شاعر وتارة يقولون مجنون وتارة يقولون كذاب وقال الله تعالى : { انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا .
يستطيعون سبيلا } . وقال تعالى في جواب ما عاندوا ههنا وافتروا : { قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض } الآية : أي أنزل القرآن المشتمل على أخبار الأولين والآخرين { الذي يعلم السر } أي الله الذي يعلم غيب السماوات والأرض ويعلم السرائر كعلمه بالظواهر وقوله تعالى : { إنه كان غفورا رحيما } دعاء لهم إلى التوبة والإنابة وإخبار لهم بأن رحمته واسعة وأن حلمه عظيم مع أن من تاب إليه تاب عليه فهؤلاء مع كذبهم وافترائهم وفجورهم وبهتانهم يدعوهم إلى التوبة والإقلاع عما هم فيه إلى الإسلام والهدى كما قال تعالى : { أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم } وقال تعالى : { إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق } . قال الحسن البصري : انظروا إلى هذا الكرم والجود قتلوا أولياءه وهو يدعوهم إلى التوبة والرحمة