71 - يوم ندعوا كل أناس بإمامهم فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرؤون كتابهم ولا يظلمون فتيلا .
- 72 - ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا .
يخبر تبارك وتعالى عن يوم القيامة أنه يحاسب كل أمة بإمامهم وقد اختلفوا في ذلك فقال مجاهد وقتادة : أي بنبيهم وهذا كقوله : { ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط } الآية وقال بعض السلف : هذا أكبر شرف لأصحاب الحديث لأن أمامهم النبي صلى الله عليه وسلّم وقال ابن زيد : بكتابهم الذي أنزل على نبيهم واختاره ابن جرير وروي عن مجاهد أنه قال : بكتبهم فيحتمل أن يكون أراد ما روي عن ابن عباس في قوله : { يوم ندعوا كل أناس بإمامهم } أي بكتاب أعمالهم ( وهو قول أبي العالية والحسن والضحاك ) وهذا القول هو الأرجح لقوله تعالى : { وكل شيء أحصيناه في إمام مبين } وقال تعالى : { ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه } الآية ويحتمل أن المراد { بإمامهم } أي كل قوم بمن يأتمون به فأهل الإيمان ائتموا بالأنبياء عليهم السلام وأهل الكفر ائتموا بأئمتهم كما قال : { وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار } . وفي الصحيحين : " لتتبع كل أمة ما كانت تعبد فيتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت " الحديث وقال تعالى : { هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون } . وهذا لا ينافي أن يجاء بالنبي إذا حكم الله بين أمته فإنه لا بد أن يكون شاهدا على أمته بأعمالها كقوله تعالى : { وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء } .
وقوله تعالى : { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا } ولكن المراد ههنا بالإمام هو كتاب الأعمال ولهذا قال تعالى : { يوم ندعو كل أناس بإمامهم فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرأون كتابهم } أي من فرحته وسروره بما فيه من العمل الصالح يقرؤه ويحب قراءته كقوله : { فأما من أوتي كتبه بيمينه فيقول هاؤم اقرأوا كتابيه } الآيات وقوله تعالى : { ولا يظلمون فتيلا } الفتيل : هو الخيط المستطيل في شق النواة عن أبي هريرة Bه عن النبي صلى الله عليه وسلّم في قول الله تعالى : { يوم ندعوا كل أناس بإمامهم } قال : " يدعى أحدهم فيعطى كتابه بيمينه ويمد له في جسمه ويبيض وجهه ويجعل على رأسه تاج من لؤلؤة يتلألأ فينطلق إلى أصحابه فيرونه من بعيد فيقولون : اللهم أتنا بهذا وبارك لنا في هذا فيأتيهم فيقول لهم : أبشروا فإن لكل رجل منكم مثل هذا وأما الكافرون فيسود وجهه ويمد له في جسمه ويراه أصحابه فيقولون : نعوذ بالله من هذا أو من شر هذا اللهم لا تأتنا به فيأتيهم فيقولون : اللهم اخزه فيقول : أبعدكم الله فإن لكل رجل منكم مثل هذا " ( أخرج الحافظ أبو بكر البزار ) . وقوله تعالى : { ومن كان في هذه أعمى } أي في الحياة الدنيا { أعمى } أي عن حجة الله وآياته وبينانه { فهو في الآخرة أعمى } أي كذلك يكون { وأضل سبيلا } أي وأضل منه كما كان في الدنيا عياذا بالله من ذلك