315 - الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف .
قال في التمييز متفق عليه رواه الشيخان كما في اللآلئ وكذا رواه أبو داود عن أبي هريرة قال البيهقي سألت الحاكم أبا عبد الله الحافظ عن معناه فقال المؤمن والكافر لا يسكن قلبه إلا إلى شكله انتهى .
وقال في المقاصد رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة مرفوعا وهو عند البخاري في الأدب المفرد عن سهيل بل علقه في صحيحه عن عائشة أنها سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلّم ورواه أبو داود عن عمرة قالت كانت امرأة مكية بطالة تضحك النساء وتغني وكانت امرأة بالمدينة مثلها فقدمت المكية المدنية فلقيت المدنية فتعارفتا فدخلتا على عائشة فتعجبت من اتفاقهما فقالت عائشة للمكية عرفت هذه ؟ قالت لا ولكنا التقينا فتعارفنا فضحكت عائشة وقالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول الأرواح جنود - الحديث وأخرجه أبو يعلى نحوه والزبير بن بكار عن عائشة أن إمرأة كانت بمكة تدخل على نساء قريش تضحكهن فلما هاجرن ووسع الله دخلت المدينة قالت عائشة فدخلت علي فقلت لها فلانة ما أقدمك ؟ قالت إليكن قالت فأين نزلت ؟ قالت على فلانة امرأة كانت تضحك بالمدينة قالت عائشة ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال فلانة المضحكة عندكم ؟ قالت عائشة نعم فقال فعلى من نزلت ؟ قالت على فلانة المضحكة قال الحمد لله رب العالمين إن الأرواح جنود مجندة - الحديث وأفادت هذه الرواية بيان سبب الحديث .
وفي الباب سلمان وابن عباس وابن عمر وعمر وعلي وأبو الفضل وابن مسعود لكن لفظ ابن مسعود عند العسكري مرفوعا الأرواح جنود مجندة تلتقي فتشام ( 1 ) كما تشام ( 1 ) الخيل [ صفحة 121 ] فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف فلو أن رجلا مؤمنا جاء إلى مجلس فيه مائة منافق وليس فيهم إلا مؤمن واحد لجاء حتى يجلس إليه ولو أن منافقا جاء إلى مجلس فيه مائة مؤمن وليس فيه إلا منافق لجاء حتى جلس إليه وأخرجه الديلمي بلا سند عن معاذ مرفوعا بلفظ لو أن رجلا مؤمنا دخل مدينة فيها ألف منافق ومؤمن واحد لشم روحه روح ذلك المؤمن وعكسه ويشهد له ما سيأتي من حديث المرء على دين خليله وما في الحلية في ترجمة أويس لما اجتمع بهرم بن حيان العبدي ولم يكن لقيه وخاطبه أويس باسمه قال له هرم من أين عرفت اسمي واسم أبي فوالله ما رأيتك قط ولا رأيتني قال عرفت روحي روحك حيث كلمت نفسي نفسك لأن الأرواح لها أنفس كأنفس الأجساد وإن المؤمنين يتعارفون بروح الله وإن نأت بهم الدار ووفت بهم المنازل وما أحسن ما قال الشهاب بن أسعد التنوخي : .
إن القلوب لأجناد مجندة ... قول الرسول فمن ذا فيه يختلف .
فما تعارف منها فهو مؤتلف ... وما تناكر منها فهو مختلف .
وما أحسن ما قيل أيضا : .
بيني وبينك في المحبة نسبة ... مستورة عن سر هذا العالم .
نحن اللذان تحاببت أرواحنا ... من قبل خلق الله طينة آدم .
تنبيه : اختلفوا هل الأرواح خلقت قبل الأجساد أم معها ؟ والراجح الأول بل ادعى فيه ابن حزم الإجماع واستدل بحديث ضعيف جدا ولفظه إن الله خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف وقيل خلقت مع الأجساد وجرى عليه جماعة واستدلوا بما رواه الشيخان من حديث ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل الله الملك فينفخ فيه الروح وأجيب بأن نفخ الروح غير [ صفحة 122 ] خلقها فهي موجودة أولا فإذا خلقت الأجساد نفخت الأرواح فيها فتأمل .
وقال ابن حجر المكي في فتاواه الحديثية ما روي عن ابن عباس أن الله خلق الأرواح قبل الأجساد بأربعة آلاف سنة وخلق الأرزاق قبل الأرواح بأربعة آلاف سنه لا أصل له وأيضا خبر خلق الله الأرواح قبل الأجساد بألفي عام ضعيف جدا فلا يعول عليه قال نعم صح أن الله قدر المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وذلك شامل للأرزاق انتهى .
_________ .
( 1 ) [ أي تشم بعضها . واللفظ هنا هو المسموع من شيخنا المحدث محمود الرنكوسي C وكما ورد في كنز العمال . وفي الأصل " فتتشاءم كما تتشاءم الخيل " وهو خطأ لفظا ومعنى . دار الحديث . ]