153 - اختلاف أمتي رحمة .
قال في المقاصد رواه البيهقي في المداخل بسند منقطع عن ابن عباس بلفظ : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم مهما أوتيتم من كتاب الله فالعمل به لا عذر لأحد في تركه فإن لم يكن في كتاب الله فسنة مني ماضية فإن لم تكن سنة مني فما قاله أصحابي إن أصحابي بمنزلة النجوم في السماء فأيما أخذتم به اهتديتم واختلاف أصحابي لكم رحمة .
ومن هذا الوجه أخرجه الطبراني والديلمي بلفظه وفيه ضعف وعزاه الزركشي وابن حجر في اللآلئ لنصر المقدسي في الحجة مرفوعا من غير بيان لسنده ولا لصاحبيه وعزاه العراقي لآدم بن أبي إياس في كتاب العلم والحكم بغير بيان لسنده أيضا بلفظ : اختلاف أصحابي رحمة لأمتي وهو مرسل وضعيف .
وبهذا اللفظ أيضا ذكره البيهقي في رسالته الأشعرية بغير إسناد وفي المدخل له عن القاسم بن محمد عن قوله : اختلاف أصحاب محمد صلى الله عليه وسلّم رحمة لعباد الله وفيه أيضا عن عمر بن عبد العزيز أنه كان يقول : ما سرني لو أن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلّم لم يختلفوا لأنهم لو لم يختلفوا لم تكن رخصة وفيه أيضا عن يحيى بن سعيد أنه قال : أهل العلم أهل توسعة وما برح المفتون يختلفون فيحلل هذا ويحرم هذا فلا يعيب هذا على هذا .
ثم قال في المقاصد أيضا : قرأت بخط شيخنا يعني الحافظ ابن حجر أنه حديث مشهور على الألسنة [ صفحة 166 ] وقد أورده ابن الحاجب في المختصر في مباحث القياس بلفظ : اختلاف أمتي رحمة للناس وكثر السؤال عنه وزعم الكثير من الأئمة أنه لا أصل له لكن ذكره الخطابي في غريب الحديث مستطردا فقال : .
اعترض هذا الحديث رجلان أحدهما ماجن والآخر ملحد وهما إسحاق الموصلي وعمرو بن بحر الجاحظ وقالا لو كان الاختلاف رحمة لكان الاتفاق عذابا ثم تشاغل الخطابي برد كلامهما ولم يشف في عزو الحديث لكنه أشعر بأنه له أصلا عنده .
ثم قال الخطابي والاختلاف في الدين ثلاثة أقسام : الأول في إثبات الصانع ووحدانيته وإنكاره كفر والثاني في صفاته ومشيئته وإنكارهما بدعة والثالث في أحكام الفروع المحتملة وجوها فهذا جعله الله رحمة وكرامة للعلماء وهو المراد بحديث اختلاف أمتي رحمة انتهى . وأقول وهذا بلفظ الترجمة .
وقال النووي في شرح مسلم : ولا يلزم من كون الشيء رحمة أن يكون ضده عذابا ولا يلزم هذا ويذكره إلا جاهل أو متجاهل وقد قال الله تعالى { ومن رحمته جعل لكم الليل لتسكنوا فيه } فسمى الليل رحمة ولا يلزم من ذلك أن يكون النهار عذابا انتهى .
ومثله يقال فيما رواه ابن أبي عاصم في السنة عن أنس مرفوعا لا تجتمع أمتي على ضلالة ورواه الترمذي عن ابن عمر بلفظ : لا يجمع الله أمتي على ضلالة ويد الله مع الجماعة .
ورواه أحمد والطبراني في الكبير عن أبي نصر الغفاري في حديث رفعه سألت ربي أن لا تجتمع أمتي على ضلالة فقد قيل مفهومه أن اختلاف هذه الأمة ليس رحمة ونعمة لكن فيه ما تقدم نظيره عن النووي وغيره .
وفي الموضوعات للقاري أن السيوطي قال : أخرجه نصر المقدسي في الحجة والبيهقي في الرسالة الأشعرية بغير سند ورواه الحليمي والقاضي الحسين وإمام الحرمين وغيرهم ولعله خرج في بعض كتب الحفاظ التي لم تصل إلينا ثم قال السيوطي عقب ذكره لكلام عمر بن عبد العزيز : وهذا يدل على أن المراد اختلافهم في الأحكام الفرعية وقيل في الحرف والصنائع والأصح الأول فقد أخرج الخطيب في رواة مالك عن إسماعيل بن أبي المجالد قال : قال هارون الرشيد لمالك بن أنس : يا أبا عبد الله تكتب هذه الكتب يعني مؤلفات الإمام مالك وتفرقها في أفاق الإسلام لتحمل عليها الأمة قال : يا أمير [ صفحة 67 ] المؤمنين إن اختلاف العلماء رحمة من الله تعالى على هذه الأمة كل يتبع ما يصح عنده وكل على هدى وكل يريد الله تعالى .
وفي مسند الفردوس عن ابن عباس مرفوعا : اختلاف أصحابي لكم رحمة .
وذكر ابن سعد في طبقاته عن القاسم بن محمد أنه قال كان اختلاف أصحاب محمد صلى الله عليه وسلّم رحمة للناس .
وأخرجه أبو نعيم بلفظ : كان اختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم رحمة لهؤلاء الناس