- الحديث الثاني عشر : روي أن النبي صلى الله عليه وسلّم .
- صلى على الغامدية بعد ما رجمت .
قلت : رواه الجماعة ( 1 ) - إلا البخاري - من حديث عمران بن حصين أن امرأة من جهينة أتت النبي صلى الله عليه وسلّم وهي حبلى من الزنا فقالت : يا نبي الله أصبت حدا فأقمه علي فدعا النبي صلى الله عليه وسلّم وليها فقال : أحسن إليها فإذا وضعت فأتني بها ففعل فأمر بها النبي صلى الله عليه وسلّم فشكت عليها ثيابها ثم أمر بها فرجمت ثم صلى عليها فقال له عمر : تصلي عليها يا نبي الله وقد زنت ؟ فقال : " لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم وهل وجدت توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله ؟ " انتهى . وأخرجه مسلم أيضا من حديث بريدة مشتملا على قصة ماعز والغامدية معا وفيه : ثم أمر بها فصلى عليها ودفنت وفيه بشير بن المهاجر قال المنذري في " مختصره " : ليس له في " صحيح مسلم " سوى هذا الحديث وقد وثقه يحيى بن معين وقال الإمام أحمد : منكر الحديث يجئ بالعجائب مرجئ متهم وقال أبو حاتم الرازي : يكتب حديثه ولا يحتج به ولا عيب على مسلم في إخراج هذا الحديث فإنه أتى به في الطبقة الثانية ليبين اطلاعه على طرق الحديث انتهى كلامه .
- وفي الباب حديث الصلاة على ماعز : رواه البخاري في " صحيحه ( 2 ) - في أول كتاب المحاربين " حدثنا محمود بن غيلان عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر فذكر قصة ماعز وفي آخره : ثم أمر به فرجم وقال له النبي صلى الله عليه وسلّم خيرا وصلى عليه قال ابن القطان في " كتابه " : قيل للبخاري : قوله : وصلى عليه قاله غير معمر ؟ قال : لا انتهى . ورواه أبو داود ( 3 ) عن محمد بن المتوكل والحسن بن علي كلاهما عن عبد الرزاق به ورواه الترمذي عن الحسن بن علي به وقال : حسن صحيح ورواه النسائي في " الجنائز " عن محمد بن يحيى ومحمد بن رافع ونوح بن حبيب ثلاثتهم عن عبد الرزاق به وقالوا فيه كلهم : ولم يصل عليه قال المنذري في " حواشيه " : وقد أعل بعضهم هذه الزيادة بأن محمود بن غيلان شيخ البخاري تفرد بها عن عبد الرزاق وقد خالفه عن عبد الرزاق جماعة : محمد بن يحيى الذهلي ونوح بن حبيب وحميد بن زنجويه وإسحاق بن راهويه وأحمد بن منصور الرمادي وإسحاق بن إبراهيم الدبري والحسن بن علي ومحمد بن المتوكل قال : فهؤلاء ثمانية قد خالفوا محمود بن غيلان في هذه الزيادة وفيهم هؤلاء الحفاظ : إسحاق بن راهويه ومحمد بن يحيى الذهلي وحميد بن زنجويه ولم يذكرها أحد منهم وحديث إسحاق بن راهويه في " مسلم " ( 4 ) إلا أنه لم يذكر لفظه وأحال على حديث عقيل قبله وليس فيه ذكر الصلاة قال : وإذا حملت الصلاة في حديث محمود بن غيلان على الدعاء اتفقت الأحاديث - يعني حديث ماعز والغامدية - انتهى .
- حديث آخر : في الصلاة عليه أخرجه أبو قرة الزبيدي عن ابن جريج عن عبد الله ابن أبي بكر عن أبي أيوب عن أبي أمامة بن سهل الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلّم صلى الظهر يوم رجم ماعز وطول في الأوليين حتى كاد الناس يعجزون من طول الصلاة فلما انصرف أمر به فرجم فلم يقتل حتى رماه عمر بن الخطاب بلحي بعير فأصاب رأسه فقتله وصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلّم والناس مختصر . وهذا اللفظ يبعد تأويل الصلاة بالدعاء لأن الناس صلوا عليه بلا خلاف وعطف الناس على النبي صلى الله عليه وسلّم مشعر بأن صلاة النبي صلى الله عليه وسلّم كصلاتهم والله أعلم .
- حديث آخر : في ترك الصلاة عليه أخرجه أبو داود في " سننه " ( 5 ) عن أبي عوانة عن أبي بشر حدثني نفر من أهل البصرة عن أبي برزة الأسلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم لم يصل على ماعز ابن مالك ولم ينه عن الصلاة عليه انتهى . وضعفه ابن الجوزي في " التحقيق " بأن فيه مجاهيل ونقل عن الإمام أحمد أنه قال : ما نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلّم ترك الصلاة على أحد إلا على الغال وقاتل نفسه قال : ولو صح هذا الحديث فصلاته على الغامدية كانت بعد ذلك انتهى .
- حديث آخر : أخرجه أبو داود ( 6 ) عن ابن عباس أن ماعز بن مالك أتى رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال : إنه زنى فأمر به فرجم ولم يصل عليه انتهى . قال النووي : ويجمع بين الروايتين بأن رواية الأثبات مقدمة لأنها زيادة علم أو أنه عليه السلام أمرهم بالصلاة عليه ولم يصل هو بنفسه عليه انتهى كلامه .
قوله : روي أن عليا لما أراد أن يقيم الحد كسر ثمرة السوط قلت : غريب وروى ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا عيسى بن يونس عن حنظلة السدوسي قال : سمعت أنس بن مالك يقول : كان يؤمر بالسوط فيقطع ثمرته ثم يدق بين حجرين حتى يلين ثم يضرب به قلنا لأنس : في زمان من كان هذا ؟ قال : في زمان عمر بن الخطاب انتهى . وأخرج ابن أبي شيبة وعبد الرزاق في " مصنفيهما " عن يحيى بن عبد الله التيمي عن أبي ماجد الحنفي عن ابن مسعود أن رجلا جاء بابن أخ له إليه فقال : إنه سكران فقال : ترتروه ومزمزوه واستنكهوه ففعلوا فرفعه إلى السجن ثم عاد به من الغد وعاد بسوط ثم أمر بثمرته فدقت بين حجرين حتى صارت درة ثم قال للجلاد : اجلد وأرجع يدك وأعط كل عضو حقه انتهى . وروى عبد الرزاق في " مصنفه " : أخبرنا معمر عن يحيى بن أبي كثير أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلّم فقال : يا رسول الله إني أصبت حدا فأقمه علي فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلّم بسوط شديد له ثمرة فقال : سوط دون هذا فأتى بسوط مكسور لين فقال : سوط فوق هذا فأتى بسوط بين سوطين فقال : هذا فأمر به فجلد ورواه ابن أبي شيبة حدثنا أبو خالد الأحمر عن محمد بن عجلان عن زيد بن أسلم أن النبي A أتي برجل قد أصاب حدا فذكره بنحوه ورواه مالك في " الموطأ " ( 7 ) قال أبو مصعب : أخبرنا مالك عن زيد ابن أسلم أن رجلا اعترف على نفسه بالزنا فدعا له رسول الله A بسوط فأتي بسوط مكسور فقال : فوق هذا فأتي بسوط جديد لم يقطع ثمرته فقال : بين هذين فأتي بسوط قد ركب به ولان فأمر به فجلد ثم قال : أيها الناس قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله فمن أصاب من هذه القاذورة شيئا فليستتر بستر الله فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله انتهى .
قوله : روي أن عليا كان يأمر بالتجريد في الحدود قلت : غريب وروي عنه خلافه كما رواه عبد الرزاق في " مصنفه " أخبرنا الثوري عن جابر عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن علي أنه أتي برجل في حد فضربه وعليه كساء فسطا بي قاعدا انتهى . أخبرنا إسرائيل ابن يونس عن أبي إسحاق عن رجل أن عليا ضرب جارية فجردت وتحت ثيابها درع حديد ألبسها إياه أهلها ونفاها إلى البصرة انتهى . أخبرنا ابن عيينة عن مطرف عن الشعبي قال : سألت المغيرة بن شعبة عن المحدود أتنزع عنه ثيابه ؟ قال : لا إلا أن يكون فروا أو محشوا انتهى . أخبرنا الثوري عن جويبر عن الضحاك بن مزاحم عن ابن مسعود قال : لا يحل في هذه الأمة التجريد ولا مد ولا غل انتهى .
_________ .
( 1 ) عند مسلم في " حد الزنا " ص 68 - ج 2 ، وعند أبي داود في " الحدود " ص 253 - ج 2 ، وعند النسائي في " الجنائز - باب الصلاة على المرجوم " ص 278 - ج 1 .
( 2 ) عند البخاري في " كتاب المحاربين - باب الرجم بالمصلى " ص 1002 - ج 2 ، وفيه سئل أبو عبد الله صلى عليه يصح ؟ قال : رواه معمر فقيل له : رواه غير معمر ؟ قال : لا .
( 3 ) وعند أبي داود " باب الرجم " ص 252 - ج 2 ، وعند الترمذي في " الحدود - باب ما جاء في درء الحد عن المعترف إذا رجع " ص 184 - ج 1 ، وعند النسائي في " الصغرى " عن محمد بن يحيى ونوح بن حبيب في كتاب الجنائز - باب ترك الصلاة على المرجوم " ص 278 - ج 1 .
( 4 ) عند مسلم في " باب الرجم " ص 66 - ج 2 .
( 5 ) عند أبي داود في " الجنائز - باب الصلاة على من قتلته الحدود " ص 98 - ج 2 .
( 6 ) عند أبي داود في " الحدود - باب الرجم " ص 251 - ج 2 .
( 7 ) عند مالك في " الموطأ - في الحدود - باب ما جاء فيمن اعترف على نفسه بالزنا " ص 350