- الحديث الثاني : قال عليه السلام : .
- " العمرة فريضة كفريضة الحج " .
قلت : غريب وروى الحاكم في " المستدرك " والدارقطني في " سننه " ( 1 ) من حديث محمد بن سعيد أبي يحيى حدثنا محمد بن كثير الكوفي ثنا إسماعيل بن مسلم عن محمد بن سيرين عن زيد بن ثابت قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " إن الحج والعمرة فريضتان لا يضرك بأيهما بدأت " انتهى . قال الحاكم : الصحيح عن زيد بن ثابت من قوله انتهى . فيه إسماعيل بن مسلم المكي ضعفوه ولكن لهم آخر في طبقته ثقة وقال فيه المكي أيضا فليتأمل وقال ابن القطان في " كتابه " : ومحمد بن سعيد هذا قال فيه البخاري : منكر الحديث ولم يرضه ابن حنبل وقال : خرقنا حديثه قال : ورواه هشام ابن حسان عن محمد بن سيرين عن زيد بن ثابت موقوفا انتهى كلامه . قلت : هكذا أخرجه البيهقي في " سننه " عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن زيد موقوفا قال : ورواه إسماعيل بن مسلم عن ابن سيرين مرفوعا والصحيح موقوفا انتهى .
[ أحاديث مختلفة ] : .
- حديث آخر : أخرجه الدارقطني في " سننه " ( 2 ) عن معتمر بن سليمان عن أبيه عن يحيى ابن يعمر عن ابن عمر عن عمر بن الخطاب أن رجلا قال : يا رسول الله ما الإسلام ؟ قال : أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأن تقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وأن تحج وتعتمر قال الدارقطني : إسناده صحيح قال صاحب " التنقيح " : الحديث مخرج في " الصحيحين " ليس فيهما : وتعتمر وهذه الزيادة فيها شذوذ انتهى . ولم يعزه الشيخ في " الإمام " للدارقطني وإنما قال : رواه الحاكم في " كتابه " المخرج على صحيح مسلم وأبو بكر الجوزقي الحافظ في " صحيحه " وهو حديث فيه طول ذكر فيه الإيمان والإسلام والإحسان وهو حديث جبريل عليه السلام وفي آخره : وما عرفته حتى ولى ولم يعزه الشيخ بشيء وعزاه عبد الحق في " الجمع بين الصحيحين " للدارقطني في " سننه " كذلك .
- حديث آخر : حديث أبي رزين العقيلي قال : يا رسول الله إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن قال : احجج عن أبيك واعتمر انتهى . قال الترمذي : ( 3 ) حديث حسن صحيح ورواه ابن حبان في " صحيحه " والحاكم في " المستدرك " وقال : على شرط الشيخين ولم يخرجاه ورواه الدارقطني في " سننه " وقال : رجاله كلهم ثقات انتهى . قال صاحب " التنقيح " قال الإمام أحمد : لا أعلم في إيجاب العمرة حديثا أصح من هذا قال : وفيه نظر فإن هذا الحديث لا يدل على وجوب العمرة إذ الأمر فيه ليس للوجوب فإنه لا يجب عليه أن يحج عن أبيه وإنما يدل الحديث على جواز فعل الحج والعمرة عنه لكونه غير مستطيع انتهى كلامه . قلت : سبقه إلى هذا الشيخ تقي الدين في " الإمام " فقال : وفي دلالته على وجوب العمرة نظر فإنها صيغة أمر للولد بأن يحج عن أبيه ويعتمر لا أمر له بأن يحج ويعتمر عن نفسه وحجه وعمرته عن أبيه ليس بواجب عليه بالاتفاق فلا يكون صيغة الأمر فيها للوجوب انتهى .
- حديث آخر : رواه البيهقي في " سننه " ( 4 ) من طريق ابن لهيعة عن عطاء عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال : " الحج والعمرة فريضتان واجبتان " انتهى . قال البيهقي : وابن لهيعة غير محتج به ورواه ابن عدي في " الكامل " وأعله به .
- حديث آخر : أخرجه ابن ماجه في " سننه " ( 5 ) وأحمد في " مسنده " عن محمد بن فضيل عن حبيب بن أبي عمرة عن عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين قالت : قلت : يا رسول الله على النساء جهاد ؟ قال : عليهن جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة انتهى . قال صاحب " التنقيح " C : وقد أخرجه البخاري في " صحيحه " ( 6 ) من رواية غير واحد عن حبيب وليس فيه ذكر العمرة وأخرجه البخاري أيضا عن معاوية بن إسحاق بن طلحة عن عمته عائشة وليس فيه أيضا ذكر العمرة انتهى .
- حديث آخر : استدل به ابن الجوزي أيضا في " التحقيق " أخرجه الدارقطني ( 7 ) عن سليمان بن داود حدثني الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن النبي عليه السلام كتب إلى أهل اليمن كتابا وبعث به مع عمرو بن حزم وفيه أن العمرة الحج الأصغر انتهى . قال صاحب " التنقيح " وسليمان بن داود ( 8 ) هذا قال فيه غير واحد من الأئمة : إنه سليمان بن أرقم وهو متروك انتهى .
- الآثار : أخرج الحاكم في " المستدرك " عن عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج قال : أخبرني نافع مولى ابن عمر أن عبد الله بن عمر كان يقول : ليس أحد من خلق الله إلا عليه حجة وعمرة واجبتان من استطاع إلى ذلك سبيلا فمن زاد بعدها شيئا فهو خير وتطوع قال ابن جريج : وأخبرت عن ابن عباس أنه قال : العمرة واجبة كوجوب الحج من استطاع إليه سبيلا انتهى . وقال : إسناده صحيح على شرط الشيخين انتهى . وعلقه البخاري في " صحيحه " فقال : وقال ابن عمر : ليس أحد إلا وعليه حجة وعمرة انتهى .
- أثر آخر : أخرجه الحاكم ( 9 ) أيضا من طريق عثمان بن سعيد الدارمي حدثنا محمد بن كثير ثنا إسماعيل بن مسلم عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : الحج والعمرة فريضتان على الناس كلهم إلا أهل مكة فإن عمرتهم طوافهم فليخرجوا إلى التنعيم ثم ليدخلوها فو الله ما دخلها رسول اله صلى الله عليه وسلّم إلا حاجا أو معتمرا وقال : صحيح على شرط مسلم وقال البيهقي : قال الشافعي في مناظرة من أنكر عليه القول في وجوب العمرة : الوجوب أشبه بظاهر القرآن لأنه قرنها بالحج فقيل له : قد أمر النبي عليه السلام الخثعمية أن تقضي الحج عن أبيها ولم يأمرها بقضاء العمرة فقال : قد يكون الشيء في الحديث فيحفظ بعض الحديث دون بعض وقد يحفظ كله فيؤدى بعضه دون بعض وذلك بحسب السؤال انتهى .
_________ .
( 1 ) عند الدارقطني في " الحج " ص 282 ، وعند الحاكم في " باب الحج والعمرة فريضتان " ص 481 - ج 1 ، وقال الذهبي : الصحيح موقوف وعند البيهقي في " السنن - في باب من قال بوجوب العمرة " ص 351 - ج 4 ، وروى الموقوف أيضا الدارقطني بعد المرفوع .
( 2 ) عند الدارقطني في " الحج " ص 281 .
( 3 ) عند الترمذي في باب بعد باب الحج عن الشيخ الكبير والميت " ص 24 - ج 1 ، وعند الحاكم في " باب الحج عن الغير " ص 481 - ج 1 ، وعند البيهقي في " باب من قال بوجوب العمرة " ص 350 - ج 4 ، ونقل كلام أحمد .
( 4 ) عند البيهقي : ص 350 - ج 4 .
( 5 ) عند ابن ماجه في " باب الحج جهاد النساء " 214 .
( 6 ) عند البخاري في " باب جهاد النساء " ص 402 ج 1 عن معاوية بن إسحاق بن طلحة عن عمته عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين Bها .
( 7 ) عند الدارقطني في " الحج " ص 283 .
( 8 ) قال الحافظ في " تهذيبه ص 190 - ج 4 - في ترجمة سليمان بن داود الخولاني الدمشقي الداراني " : قلت : أما سليمان بن داود الخولاني فلا ريب في أنه صدوق لكن الشبهة دخلت على حديث الصدقات من جهة أن الحكم بن موسى غلط في اسم والد سليمان فقال : سليمان بن داود وإنما هو سليمان بن أرقم والله أعلم .
( 9 ) كلا الحديثين : عند الحاكم : ص 471 - ج 1 ، وأما قوله عليه السلام : " العمرة الحج الأصغر " قال أبو بكر الرازي : معناه أن الحج ينوب عن العمرة لوجود أفعالها فيه وزيادة ولو أراد وجوبها كالحج لم يدخل أحدهما في الآخر كما لا يقال : دخلت الصلاة في الحج وقال الخطابي : معناه فرضها ساقط بالحج وهو معنى دخولها فيه فهو دليل على عدم الوجوب كذا في " الجوهر النقي على هامش السنن " : ص 352 - ج 4