- الحديث الرابع عشر : روي أن الصحابة Bهم كانوا تذاكروا لحم الصيد في حق المحرم فقال عليه السلام : لا بأس به انتهى .
قلت : رواه محمد بن الحسن الشيباني في " كتاب الآثار " أخبرنا أبو حنيفة عن محمد بن المنكدر عن عثمان بن محمد عن طلحة بن عبيد الله قال : تذاكرنا لحم الصيد يأكله المحرم والنبي عليه السلام نائم فارتفعت أصواتنا فاستيقظ النبي عليه السلام فقال : فيما تتنازعون ؟ فقلنا : في لحم الصيد يأكله المحرم فأمرنا بأكله انتهى .
[ أحاديث مختلفة ] : .
- ومن أحاديث الأصحاب : قال الشيخ في " الإمام " : روى الحافظ أبو عبد الله الحسين ابن محمد بن خسرو البلخي في " مسند الإمام أبي حنيفة " عن أبي حنيفة عن هشام بن عروة عن أبيه عن جده الزبير بن العوام قال : كنا نحمل الصيد صفيفا وكنا نتزوده ونأكله ونحن محرمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم انتهى . قال : وكذلك رواه ابن أبي العوام في " كتاب فضائل أبي حنيفة " واختصره مالك في " الموطأ " ( 1 ) فقال : مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن الزبير بن العوام كان يتزود صفيف الظباء في الإحرام انتهى . قال في " الصحاح " : الصفيف ما يصف من اللحم على اللحم ليستوي .
- حديث آخر : أخرجه مسلم في " صحيحه " ( 2 ) عن ابن جريج عن محمد بن المنكدر عن معاذ بن عبد الرحمن بن عثمان عن أبيه قال : كنا مع طلحة بن عبيد الله ونحن حرم فأهدي إليه طير وطلحة راقد فمنا من أكل ومنا من تورع فلما انتبه أخبر فوافق من أكله وقال : أكلناه مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم انتهى . ورواه ابن حبان في " صحيحه " في النوع الأربعين من القسم الثالث وأخرجه أيضا عن ابن أبي شيبة وقال فيه : عن ابن المنكدر عن معاذ بن عبد الرحمن عن أبيه فذكره ثم قال : ولست أنكر سماع ابن المنكدر عن عبد الرحمن بن عثمان فمرة رواه عنه ومرة رواه عن معاذ عنه انتهى كلامه . ورواه البزار في " مسنده " بالسند الأول وقال : لا نعلم أحدا جود إسناده ووصله إلا ابن جريج ولا نعلمه عن النبي عليه السلام إلا من هذا الوجه انتهى .
- ومن أحاديث الأصحاب أيضا : حديث أبي قتادة أخرجه البخاري ومسلم في " صحيحيهما " ( 3 ) قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلّم حاجا وخرجنا معه قال : فانصرف من أصحابه جماعة فيهم أبو قتادة فقال : خذوا ساحل البحر حتى تلقوني قال : فأخذوا ساحل البحر فلما انصرفوا قبل رسول الله صلى الله عليه وسلّم أحرموا كلهم إلا أبو قتادة فإنه لم يحرم فبينما هم يسيرون إذ رأوا حمر وحش فحمل عليها أبو قتادة فعقر منها أتانا فنزلنا فأكلنا من لحمها فقلنا : نأكل من لحم صيد ونحن محرمون ؟ فحملنا ما بقي من لحمها فقال : هل معكم أحد أمره أو أشار إليه بشيء ؟ قالوا : لا قال : فكلوا ما بقي من لحمها وفي لفظ لهما : ( 4 ) عن أبي قتادة أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم غزوة الحديبية قال : فأهلوا بعمرة غيري قال : فاصطدت حمار وحش فأطعمت أصحابي وهم محرمون ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم فأنبأته أن عندنا من لحمه فقال : كلوه وهم محرمون انتهى . وفي بعض طرق البخاري ( 5 ) قال : معكم منه شيء ؟ فقلت : نعم فناولته العضد فأكلها حتى تعرقها وهو محرم ذكره في " الأطعمة - في الهبة " قاله عبد الحق وفي لفظ لمسلم : فقال : هل معكم من لحمه شيء ؟ قالوا : معنا رجله قالوا : فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلّم فأكلها وأخرجه عبد الرزاق في " مصنفه " ( 6 ) أخبرنا معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قال : خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم زمن الحديبية فأحرم أصحابي ولم أحرم أنا فرأيت حمار وحش فحملت عليه فاصطدته فذكرت شأنه لرسول الله صلى الله عليه وسلّم وذكرت له أني لم أكن أحرمت وأني إنما اصطدته لك فأمر النبي عليه السلام أصحابه فأكلوا ولم يأكل حين أخبرته أني اصطدته له انتهى . ومن طريق عبد الرزاق : أخرجه ابن ماجه في " سننه " ( 7 ) وأحمد وإسحاق بن راهويه في " مسنديهما " والدارقطني في " سننه " قال الدارقطني : قال أبو بكر النيسابوري : قوله : اصطدته لك وقوله : لم يأكل منه لا أعلم أحدا ذكره في هذا الحديث غير معمر انتهى . وقال صاحب " التنقيح " : والظاهر أن هذا اللفظ الذي تفرد به معمر غلط فإن في " الصحيحين " أن النبي عليه السلام أكل منه وفي لفظ لأحمد ( 8 ) : قلت : هذه العضد قد شويتها وأنضجتها فأخذها فنهشها عليه السلام وهو حرام حتى فرغ منها انتهى .
- حديث آخر : أخرجه الطحاوي في " شرح الآثار " ( 9 ) عن محمد بن إبراهيم التيمي عن عيسى بن طلحة عن عمير بن سلمة الضمري قال : بينما نحن نسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم ببعض أفناء الروحاء وهو محرم إذا حمار معقور فيه سهم قد مات فقال عليه السلام : دعوه فيوشك صاحبه أن يأتيه فجاء رجل من بهز هو الذي عقر الحمار فقال : يا رسول الله هي رميتي فشأنكم به فأمر عليه السلام أبا بكر أن يقسمه بين الرفاق وهم محرمون انتهى .
_________ .
( 1 ) أخرجه مالك في " الموطأ - في باب ما يجوز للمحرم أكله من الصيد " ص 135 .
( 2 ) عند مسلم في " باب ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب " ص 381 - ج 1 .
( 3 ) عند البخاري في " باب لا يشير المحرم إلى الصيد لكي يصطاده الحلال " ص 246 - ج 1 ، وعند مسلم في " باب تحريم الصيد المأكول البري " ص 380 - ج 1 .
( 4 ) عند البخاري في " باب إذا رأى المحرمون صيدا فضحكوا ففطن الحلال " ص 245 - ج 1 ، وعند مسلم في " باب تحريم الصيد " ص 381 - ج 1 .
( 5 ) عند البخاري في " كتاب الهبة - في باب من استوهب من أصحابه شيئا " ص 350 - ج 1 .
( 6 ) وأخرجه البيهقي في " السنن - في باب ما لا يأكل المحرم من الصيد " ص 190 - ج 5 ، وقال البيهقي : قال علي : قال لنا أبو بكر : قوله : اصطدته لك وقوله : لم يأكل منه لا أعلم أحدا ذكر في هذا الحديث غير معمر ثم قال : وقد روينا عن أبي حازم بن دينار عن عبد الله بن أبي قتادة في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلّم أكل منها وتلك الرواية أودعها صاحبا الصحيح - كتابيهما - دون رواية معمر وإن كان الإسنادان صحيحين والله أعلم ثم قال البيهقي : ص 194 - ج 5 ، بعد ما ذكر حديث الحارث خليفة عثمان Bه على الطائف وتأويل هذين المسندين ما ذكره الشافعي C في تأويل حديث من روى في قصة الصعب بن جثامة أنه أهدي إليه من لحم حمار وأما علي وابن عباس فإنهما ذهبا إلى تحريم أكله على المحرم مطلقا وقد خالفهما عمر وعثمان وطلحة والزبير Bهم وغيرهم ومعهم حديث أبي قتادة وجابر والله أعلم .
( 7 ) عند ابن ماجه في " باب الرخصة في ذلك إذا لم يصد له " ص 230 ، وعند الدارقطني : ص 285 ، وعند أحمد في " مسند أبي قتادة " ص 304 - ج 5 .
( 8 ) عند أحمد في " مسند أبي قتادة " ص 306 - ج 5 .
( 9 ) عند الطحاوي في " باب لحم الصيد الذي يذبحه الحلال " ص 388 ، ولكن المخرج C لفق فيه