- الحديث الثالث عشر : قال عليه السلام : .
- " لا بأس أن يأكل المحرم لحم صيد ما لم يصده أو يصاد ( 1 ) له " قلت : أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي ( 2 ) عن يعقوب بن عبد الرحمن عن عمرو بن أبي عمرو عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن جابر بن عبد الله قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول : " صيد البر لكم حلال وأنتم حرم ما لم تصيدوه أو يصاد لكم " انتهى . قال الترمذي : والمطلب بن حنطب لا نعرف له سماعا من جابر ثم قال : قال الشافعي : هذا أحسن حديث روي في هذا الباب انتهى . وقال في " كتاب الأضحية " ( 3 ) : والمطلب بن عبد الله بن حنطب يقال : إنه لم يسمع من جابر انتهى . وقال النسائي : عمرو بن أبي عمرو ليس بالقوي في الحديث وإن كان قد روى عنه مالك انتهى . رواه ابن حبان في " صحيحه " في النوع الأربعين من القسم الثالث والحاكم في " المستدرك " ( 4 ) وقال : على شرط الشيخين ولم يخرجاه قال : وهكذا رواه مالك بن أنس ( 5 ) وسليمان بن بلال ويحيى بن عبد الله بن سالم عن عمرو بن أبي عمرو متصلا مسندا ثم أخرج أحاديثهم ثم أخرجه من طريق الشافعي أخبرنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عمرو بن أبي عمرو عن رجل من بني سلمة عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال الحاكم : وهذا لا يعلل حديث مالك وسليمان بن بلال ويعقوب بن عبد الرحمن الإسكندراني . فإنهم وصلوه وهم ثقات انتهى كلامه . وهذا الذي أخرجه من جهة الشافعي رواه الحاكم في " مسنده " بالإسناد المذكور بعد أن رواه متصلا عن إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي عن عمرو بن أبي عمرو عن المطلب بن حنطب عن جابر مرفوعا قال الشافعي : وابن يحيى أحفظ من الدراوردي انتهى . قال صاحب " التنقيح " : عمرو بن أبي عمرو تكلم فيه بعض الأئمة ولكن روى عنه مالك وأخرج له البخاري ومسلم في " صحيحيهما " والمطلب بن عبد الله بن حنطب ثقة إلا أنه لم يسمع من جابر فيما قيل قال ابن أبي حاتم في " المراسيل " : سمعت أبي يقول : المطلب بن عبد الله بن حنطب عامة أحاديثه مراسيل لم يدرك من الصحابة إلا سهل بن سعد وأنسا وسلمة بن الأكوع أو من كان قريبا منهم لم يسمع من جابر وقال في " كتاب الجرح والتعديل " : قال أبي : وجابر يشبه أن يكون أدركه انتهى كلامه . وأجاب صاحب الكتاب عن هذا الحديث : بأن معناه : أو يصاد لكم بأمركم وكذلك قاله الطحاوي قال : قوله في حديث أبي قتادة : هل أشرتم أو أعنتم ؟ قالوا : لا قال : فكلوا دليل على أنه إنما يحرم بذلك فقط ولم يقل : هل صيد لأجلكم ؟ .
[ أحاديث مختلفة ] : .
- وأما حديث أبي موسى : فأخرجه الطبراني في " معجمه " ( 6 ) عن يوسف بن خالد السمتي ثنا عمرو بن أبي عمرو عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن أبي موسى الأشعري عن النبي عليه السلام نحوه سواء ورواه ابن عدي في " الكامل " وأعله بيوسف بن خالد هذا وضعفه عن البخاري والنسائي والشافعي وابن معين وأغلظ فيه القول انتهى . قلت : رواه الطحاوي في " شرح الآثار " من حديث إبراهيم بن سويد حدثني عمرو بن أبي عمرو به سواء .
- وأما حديث ابن عمر : فأخرجه ابن عدي في " الكامل " عن عثمان بن خالد العثماني عن مالك عن نافع عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " الصيد يأكله المحرم ما لم يصده أو يصد له " انتهى . وضعف عثمان هذا عن البخاري وقال ابن عدي : هذا عن مالك غير محفوظ وكل أحاديث عثمان هذا غير محفوظة انتهى .
- أحاديث الخصوم : منها حديث الصعب بن جثامة أخرجه الجماعة ( 7 ) - إلا أبا داود - عن ابن عباس عنه أنه أهدى للنبي عليه السلام حمارا وحشيا وهو بالأبواء أو بودان فرده عليه السلام قال : فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلّم ما في وجهه قال : إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم انتهى . قال الترمذي : قال الشافعي : وجه هذا الحديث عندنا أنه إنما رده عليه لما ظن أنه صيد من أجله أو تركه على التنزه انتهى .
- حديث آخر : أخرجه أبو داود والنسائي ( 8 ) عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس أنه قال لزيد بن أرقم : يا زيد هل علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أهدى إليه عضو صيد فلم يقبله وقال : إنا حرم ؟ قال : نعم انتهى .
- حديث آخر : أخرجه أبو داود ( 9 ) عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث عن أبيه عبد الله بن الحارث بن نوفل أن الحارث بن نوفل - وكان خليفة عثمان على الطائف - صنع لعثمان طعاما فيه من الحجل واليعاقيب ولحم الوحش فبعث إلى علي فجاءه الرسول وهو يخبط لا باعر له فجاء وهو ينفض الخبط عن يديه فقالوا له : كل فقال : أطعموه قوما حلالا فإنا حرم فقال علي : أنشد من كان ههنا من أشجع أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أهدى إليه رجل حمار وحش وهو محرم فأبى أن يأكله ؟ قالوا : نعم انتهى . ورواه الطحاوي في " شرح الآثار " ( 10 ) لم يقل : أنشد من كان ههنا إلى آخره وإنما قال : فقال علي : { أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر مادمتم حرما } قال الطحاوي : وقد خالف عليا في ذلك عمر وأبو هريرة وعائشة وطلحة بن عبيد الله ثم أخرج عن ابن المبارك : ثنا يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رجلا من أهل الشام استفتاه في لحم الصيد وهو محرم فأمره بأكله قال : فلقيت عمر فأخبرته بمسألة الرجل فقال : بما أفتيته ؟ قلت : بأكله فقال : والذي نفسي بيده لو أفتيته بغير ذلك لعلوتك بالدرة إنما نهيت أن تصطاده انتهى . ثم أخرج عن عبد الله بن شماس عن عائشة قالت : في لحم الصيد يصيده الحلال ثم يهديه للمحرم : ما أرى به بأسا قال : وأما معنى الآية فمعناه : وحرم عليكم قتل صيد البر بدليل قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم } الآية ولم يقل : لاتأكلوا قال : ومن جهة النظر أيضا أنهم أجمعوا أن الصيد يحرمه الإحرام على المحرم ويحرمه الحرم على الحلال وكان من صاد صيدا في الحل فذبحه في الحل ثم أدخله في الحرام لا شيء عليه في أكله فلما كان الحرم لا يمنع من لحم الصيد الذي صيد في الحل كما يمنعه من الصيد الحي كان الناظر على ذلك أن يكون كذلك الإحرام أيضا يحرم على المحرم الصيد الحي ولا يحرم عليه لحمه إذا تولى الحلال ذبحه والله أعلم ( 11 ) والشافعي مع أبي حنيفة في إباحة أكل المحرم ما صيد لأجله وأحمد مع مالك في تحريمه واحتج الشيخ ابن الجوزي في " التحقيق " لأحمد بحديث الصعب بن جثامة وبحديث جابر وبحديث أبي قتادة ومن جهة عبد الرزاق .
_________ .
( 1 ) في - نسخة الدار - " أو يصيد " [ البجنوري ] .
( 2 ) عند الترمذي في " باب ما جاء في أكل الصيد للمحرم " ص 116 - ج 1 ، وعند أبي داود في " باب لحم الصيد للمحرم " ص 256 ، وعند النسائي في " باب إذا أشار المحرم إلى الصيد فقتله الحلال " ص 25 - ج 2 .
( 3 ) بل قال عقيب هذا الحديث أيضا : والمطلب لا نعرف له سماعا عن جابر وراجع " التهذيب " ص 178 - ج 10 .
( 4 ) في " باب حلة لحم الصيد للمحرم ما لم يصيده أو يصاد له ص 452 - ج 1 .
( 5 ) ورواية سليمان بن بلال ومالك بن أنس ويحيى بن عبد الله بن سالم ويعقوب بن عبد الرحمن كلهم عن عمرو بن أبي عمرو عند البيهقي في " السنن " ص 190 - ج 5 وكذا عند الدارقطني : ص 285 .
( 6 ) قال الهيثمي في " الزوائد " ص 230 - ج 3 : رواه الطبراني في " الكبير " وفيه يوسف بن خالد السمتي وهو ضعيف .
( 7 ) عند البخاري في " باب إذا أهدى للمحرم حمارا وحشيا حيا لم يقبل : ص 246 - ج 1 ، وعند مسلم في " باب تحريم الصيد المأكول البري " ص 379 - ج 1 ، وعند الترمذي في " باب ما جاء في كراهية لحم الصيد للمحرم " ص 116 - ج 1 ، وعند النسائي في " باب ما لا يجوز للمحرم أكله من الصيد " ص 24 - ج 2 .
( 8 ) عند النسائي في " باب ما لا يجوز للمحرم أكله من الصيد " ص 24 - ج 2 ، وعند أبي داود في " باب لحم الصيد للمحرم " ص 256 - ج 1 .
( 9 ) عند أبي داود في " باب لح الصيد للمحرم " ص 256 - ج 1 .
( 10 ) أخرجه الطحاوي في " باب لحم الصيد الذي يذبحه الحلال " ص 389 - ج 1 ، وص 390 - ج 1 .
( 11 ) انتهى كلام الطحاوي