( تابع ... 2 ) : - الحديث التاسع والثلاثون : يوجد في بعض نسخ " الهداية - للشافعي " ما ... .
- أحاديث الخصوم : منها حديث ابن عمر أخرجه البخاري . ومسلم عن سالم عن أبيه ولفظ البخاري : قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم إذا قام في الصلاة رفع يديه حتى يكونا حذو منكبيه وكان يفعل ذلك حين يكبر للركوع وحين يرفع رأسه من الركوع ولا يفعل ذلك في السجود انتهى . ولفظ مسلم : كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم إذا قام للصلاة رفع يديه حتى يكونا حذو منكبيه ثم كبر وإذا أراد أن يركع فعل مثل ذلك وإذا رفع من الركوع فعل مثل ذلك ولا يفعله حين يرفع رأسه من السجود انتهى . وقوله فيه : ثم كبر ليست عند البخاري قال ابن عبد البر في " التمهيد " : هذا الحديث أحد الأحاديث الأربعة التي رفعها سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلّم ووقفها نافع عن ابن عمر : فمنها ما جعله من قول ابن عمر . ومنها ما جعله عن ابن عمر عن عمر والقول فيها قول سالم ولم يلتفت الناس فيها إلى نافع فهذا أحدها . والثاني : حديث " من باع عبدا وله مال " والثالث : حديث : " الناس كإبل مائة " والرابع : حديث " فيما سقت السماء والعيون العشر " قال الشيخ في " الإمام " وقد جاء هذا الحديث مرفوعا من جهة حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم إذا دخل في الصلاة رفع يديه حذو منكبيه وإذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع ومن جهة إبراهيم بن طهمان عن أيوب السخيتاني عن نافع به مرفوعا أيضا رواهما البيهقي في " سننه " انتهى . وأخرجه البخاري ( 28 ) عن عبد الأعلى بن عبد الأعلى ثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر فذكره وزاد فيه : وإذا قام من الركعتين رفع يديه قال الشيخ في " الإمام قال الإسماعيلي في " كتابه " : هكذا يقوله عبد الأعلى وأومأ إلى أنه أخطأ قالوا : خالفه ابن إدريس . وعبد الوهاب . والمعتمر عن عبيد الله عن نافع فذكره من فعل ابن عمر انتهى . وقال أبو داود ( 29 ) بعد تخريج رواية عبد الأعلى هذه : والصحيح أنه من قول ابن عمر وليس بمرفوع ورواه البيهقي عن عبيد الله أيضا فوقفه على ابن عمر وهو الصحيح قال الشيخ في " الإمام " : وعن هذا جوابان : أحدهما : الرجوع إلى الطريقة الفقهية والأصولية في قبول زيادة العدل الثقة إذا تفرد بها وعبد الأعلى من الثقات المتفق على الاحتجاج بهم في الصحيح . الثاني : أن غبد الأعلى لم ينفرد بها فإن البيهقي لما ذكره في " الخلافيات " قال : أخرجه البخاري في " صحيحه " عن عبد الأعلى هكذا وتابعه معتمر عن عبيد الله بن عمر نحوه ثم أخرج رواية معتمر وأخرج النسائي رواية معتمر في " سننه " نحو البيهقي ثم قال : وقوله : إذا قام من الركعتين لم يذكره عامة الرواة عن الزهري وعبيد الله ثقة ولعل الخطأ من غيره انتهى .
واعلم أن حديث ابن عمر هذا رواه مالك في " موطإه ( 30 ) " عن الزهري عن سالم عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه وإذا رفع رأسه من الركوع وكان لا يفعل ذلك في السجود انتهى . لم يذكر فيه الرفع في الركوع هكذا وقع في رواية يحيى بن يحيى وتابعه على ذلك جماعة من رواة الموطإ : منهم يحيى بن بكير . والقعنبي . وأبو مصعب . وابن أبي مريم . وسعيد بن عفير ورواه ابن وهب . وابن القاسم . ومعن بن عيسى . وابن أبي أويس عن مالك فذكروا فيه الرفع في الركوع وكذلك رواه جماعة من أصحاب الزهري عن الزهري وهو الصواب ذكر ذلك أبو عمر بن عبد البر في " كتاب التقصي " وقال في " التمهيد " : وذكر جماعة من أهل العلم أن الوهم في إسقاط الرفع من الركوع إنما وقع من جهة مالك فإن جماعة حفاظا رووا عنه الوجهين جميعا انتهى . وكذلك قال الدارقطني في " غرائب مالك " : إن مالكا لم يذكر في " الموطإ " الرفع عند الركوع وذكره في غير " الموطإ " حدث به عشرون نفرا من الثقات الحفاظ : منهم محمد بن الحسن الشيباني . ويحيى بن سعيد القطان . وعبد الله بن المبارك . وعبد الرحمن بن مهدي . وابن وهب . وغيرهم ثم أخرج أحاديثهم عن عشرين رجلا قال : وخالفهم جماعة من رواة " الموطإ " فرووه عن مالك وليس فيه الرفع في الركوع : منهم الإمام الشافعي . والقعنبي . ويحيى بن يحيى . ويحيى بن بكير . ومعن بن عيسى . وسعيد بن أبي مريم . وإسحاق الحنيني وغيرهم والله أعلم واعترض الطحاوي في " شرح الآثار ( 31 ) " حديث ابن عمر هذا فقال : وقد روي عن ابن عمر خلاف هذا ثم أسند عن أبي بكر بن عياش عن حصين عن مجاهد قال : صليت خلف ابن عمر فلم يكن يرفع يديه إلا في التكبيرة الأولى من الصلاة قال : فلا يكون هذا من ابن عمر إلا وقد ثبت عنده نسخ ما رأى النبي صلى الله عليه وسلّم يفعله قال : فإن قيل : فقد روى طاوس عن ابن عمر خلاف ما رواه مجاهد قلنا : كان هذا قبل ظهور الناسخ انتهى . وأجاب البيهقي في " كتاب المعرفة " فقال : وحديث أبي بكر بن عياش هذا أخبرناه أبو عبد الله الحافظ فذكره بسنده ثم أسند عن البخاري أنه قال : أبو بكر بن عياش اختلط بآخره وقد رواه الربيع . وليث . وطاوس . وسالم . ونافع . وأبو الزبير . ومحارب بن دثار . وغيرهم قالوا : رأينا ابن عمر يرفع يديه إذا كبر . وإذا رفع وكان يرويه أبو بكر بن عياش قديما عن حصين عن إبراهيم عن ابن مسعود مرسلا موقوفا : أن ابن مسعود كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة ثم لا يرفعهما بعد وهذا هو المحفوظ عن أبي بكر بن عياش والأول خطأ فاحش لمخالفته الثقات من أصحاب ابن عمر قال الحاكم : كان أبو بكر بن عياش من الحفاظ المتقنين ثم اختلط حين نسي حفظه فروى ما خولف فيه فكيف يجوز دعوى نسخ حديث ابن عمر بمثل هذا الحديث الضعيف ؟ أو نقول : إنه ترك مرة للجواز إذ لا يقول بوجوبه ففعله يدل على أنه سنة وتركه يدل على أنه غير واجب انتهى . قال الشيخ في الإمام ويزيل هذا التوهم " يعني دعوى النسخ " ما رواه البيهقي في " سننه ( 32 ) " من جهة بن عبد الله بن حمدان الرقي ثنا عصمة ( 33 ) بن محمد الأنصاري ثنا موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه وإذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع وكان لا يفعل ذلك في السجود فما زالت تلك صلاته حتى لقي الله تعالى انتهى . رواه عن أبي عبد الله الحافظ عن جعفر بن محمد بن نصر عن عبد الرحمن ( 34 ) بن قريش بن خزيمة الهروي عن عبد الله بن أحمد الدمجي عن الحسن به .
- حديث آخر أخرجه البخاري . ومسلم عن مالك بن الحويرث واللفظ لمسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم كان إذا كبر رفع يديه حتى يحاذى بهما أذنيه وإذا ركع رفع يديه حتى يحاذى بهما أذنيه وإذا رفع رأسه من الركوع انتهى .
- حديث آخر أخرجه البخاري ( 35 ) عن أبي عاصم عن عبد الحميد بن جعفر عن محمد بن عمرو بن عطاء قال : سمعت أبا حميد الساعدي في عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم : منهم أبو قتادة قال أبو حميد : أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلّم كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم إذا قام إلى الصلاة يرفع يديه حتى يحاذى بهما منكبيه فإذا ركع كبر ورفع يديه حتى يحاذى منكبيه فإذا رفع كبر ورفع يديه يحاذى بهما منكبيه وفيه : ثم إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه حتى يحاذى بهما منكبيه الحديث وفي آخره : فقالوا جميعا : صدقت وقد تقدم بتمامه في أول الباب واعترضه الطحاوي في " شرح لآثار ( 36 ) " فقال : هذا الحديث لم يسمعه محمد بن عمرو بن عطاء عن أبي حميد ( 37 ) ولا من أحد ذكر مع أبي حميد وبينهما رجل مجهول ومحمد بن عمرو ذكر في الحديث أنه حضر أبا قتادة وسنه لا يحتمل ذلك فإن أبا قتادة قتل قبل ذلك بدهر طويل لأنه قتل مع علي وصلى عليه علي وقد رواه عطاف بن خالد عن محمد بن عمرو فجعل بينهما رجلا ثم أخرجه عن يحيى . وسعيد بن أبي مريم ثنا عطاف بن خالد حدثني محمد بن عمرو بن عطاء حدثني رجل أنه وجد عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم جلسوا فذكر نحو حديث أبي عاصم سواء قال : فإن ذكروا ضعف عطاف قيل لهم : وأنتم أيضا تضعفون عبد الحميد بن جعفر أكثر من تضعيفكم لعطاف مع أنكم لا تطرحون حديث عطاف كله وإنما تصححون قديمه وتتركون حديثه هكذا ذكره ابن معين في " كتابه " . وابن أبي مريم سماعه من عطاف قديم جدا . وليس أحد يجعل هذا الحديث سماعا لمحمد بن عمرو من أبي حميد إلا عبد الحميد وهو عندكم أضعف ثم أخرج عن عيسى بن عبد الرحمن ( 38 ) بن مالك عن محمد بن عمرو بن عطاء أحد بني مالك عن عباس بن سهيل الساعدي وكان في مجلس فيه أبو سهيل بن سعيد الساعدي . وأبو حميد . وأبو هريرة . وأبو أسيد فتذكروا الصلاة فقال أبو حميد : أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلّم الحديث وليس فيه ( 39 ) : فقالوا : صدقت قال : وقوله فيه : فقالوا جميعا : صدقت ليس أحد يقولها إلا أبو عاصم انتهى . وأجاب البيهقي في " كتاب المعرفة " فقال : أما تضعيفه لعبد الحميد بن جعفر فمردود بأن يحيى بن معين وثقه في جميع الروايات عنه وكذلك أحمد بن حنبل واحتج به مسلم في " صحيحه " . وأما ما ذكر من انقطاعه فليس كذلك فقد حكم البخاري في " تاريخه " بأنه سمع أبا حميد . وأبا قتادة . وابن عباس ( 40 ) وقوله : إن أبا قتادة قتل ( 41 ) مع علي رواية شاذة رواها الشعبي والصحيح الذي أجمع عليه أهل التاريخ أنه بقي إلى سنة أربع وخمسين ونقله عن الترمذي . والواقدي . والليث . وابن مندة في الصحابة أطال فيه ثم قال : وإنما اعتمد الشافعي في حديث أبي حميد برواية إسحاق بن عبد الله عن عباس بن سهيل عن أبي حميد ومن سماه من الصحابة وأكده برواية فليح بن سليمان عن عباس بن سهيل عنهم فالإعراض عن هذا والاشتغال بغيره ليس من شأن من يريد متابعة السنة انتهى كلامه ( 42 ) .
- حديث آخر أخرجه مسلم عن وائل بن حجر أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلّم رفع يديه حين دخل في الصلاة وحين ركع وحين رفع رأسه من الركوع أخرجه مختصرا ومطولا ( 43 ) قال الطحاوي في " شرح الآثار " : وحديث وائل هذا معارض بحديث ابن مسعود : أنه عليه السلام كان يرفع يديه في تكبيرة الافتتاح ثم لا يعود . وابن مسعود أقدم صحبة وأفهم بأفعال النبي A من وائل ثم أسند عن أنس ( 44 ) قال : كان رسول الله A يحب أن يليه المهاجرون والأنصار ليحفظوا عنه وابن مسعود كان من أولئك الذين يقربون من النبي A فهو أولى مما جاءه من هو أبعد منه انتهى .
- حديث آخر أخرجه أصحاب السنن الأربعة ( 45 ) والبخاري في " كتابه - في رفع اليدين " عن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب عن رسول الله A أنه كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة كبر ورفع يديه حذو منكبيه ويصنع مثل ذلك إذا قضى قراءته وأراد أن يركع ويصنعه إذا رفع من الركوع ولا يرفع يديه في شيء من صلاته وهو قاعد وإذا قام من السجدتين رفع يديه كذلك انتهى . قال الترمذي : حديث حسن صحيح قال الشيخ في " الإمام " : ورأيت عن " علل الخلال " عن إسماعيل بن إسحاق الثقفي قال : سئل أحمد عن حديث علي هذا فقال : صحيح قال الشيخ : وقوله فيه : وإذا قام من السجدتين " يعني الركعتين " انتهى . وقال النووي في " الخلاصة " : وقع في لفظ أبي داود : السجدتين وفي لفظ الترمذي : الركعتين والمراد بالسجدتين الركعتان يدل عليه الرواية الأخرى وغلط الخطابي في قوله : المراد السجدتان لكونه لم يقف على طرق الحديث انتهى . قال الطحاوي في " شرح الآثار ( 46 ) " : وقد روي عن علي خلاف هذا ثم أخرج عن أبي بكر النهشلي ثنا عاصم بن كليب عن أبيه أن عليا كان يرفع يديه في أول تكبيرة من الصلاة ثم لا يرفع بعده قال الطحاوي : فلم يكن علي ليرى النبي A يرفع ثم يتركه إلا وقد ثبت عنده نسخه قال : وتضعف هذه الرواية أيضا أنه روي من وجه آخر وليس فيه الرفع ثم أخرجه عن عبد العزيز ( 47 ) بن أبي سلمة عن عبد الله بن الفضل عن الأعرج به ولم يذكر فيه : الرفع انتهى . وقال الشيخ في " الإمام " : قال عثمان بن سعيد الدارمي : وقد روي من طريق واهية عن علي أنه كان يرفع يديه في أول تكبيرة من الصلاة ثم لا يعود قال : وهذا ضعيف إذ لا يظن بعلي أنه يختار فعله على فعل النبي A وهو قد روى عن النبي A أنه كان يرفع عند الركوع وعند الرفع منه قال الشيخ : وما قاله الدارقطني ضعيف فإنه جعل رواية الرفع - مع حسن الظن بعلي - في ترك المخالفة دليلا على ضعف هذه الرواية وخصمه يعكس الأمر ويجعل فعل علي بعد الرسول A دليلا على نسخ ما تقدم والله أعلم انتهى .
- حديث آخر : أخرجه أبو داود ( 48 ) عن ابن لهيعة عن أبي هبيرة عن ميمون المكي أنه رأى عبد الله بن الزبير - وصلى بهم - يشير بكفيه حين يقوم وحين يرفع وحين يسجد وحين ينهض للقيام فيقوم فيشير بيديه فانطلقت إلى ابن عباس فقلت : إني رأيت ابن الزبير يصلي صلاة لم أر أحدا يصليها ووصفت له هذه الإشارة فقال : إن أحببت أن تنظر إلى صلاة رسول الله A فاقتد بصلاة ابن الزبير انتهى . وابن لهيعة معروف .
( يتبع ... )