- الحديث السادس : قال النبي صلى الله عليه وسلّم : .
- " إذا أذنت فترسل وإذا أقمت فاحدر " .
قلت : أخرجه الترمذي ( 1 ) عن عبد المنعم بن نعيم ثنا يحيى بن مسلم عن الحسن وعطاء عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال لبلال : " يا بلال إذا أذنت فترسل وإذا أقمت فاحدر واجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الآكل من أكله والشارب من شربه والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجته " انتهى . قال الترمذي : هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث عبد المنعم وهو إسناد مجهول انتهى . وعبد المنعم هذا ضعفه الدارقطني وقال أبو حاتم : منكر الحديث جدا لا يجوز الاحتجاج به وأخرجه الحاكم في " مستدركه " عن عمرو بن فائد الأسواري ثنا يحيى بن مسلم به سواءا ثم قال : هذا حديث ليس في إسناده مطعون فيه غير عمرو بن فائد ولم يخرجاه انتهى . قال الذهبي في " مختصره " : وعمرو بن فائد قال الدارقطني : متروك انتهى . وأخرجه ابن عدي عن يحيى بن مسلم به وقال فيه : " فاحذم " - بحاء مهملة وذال معجمة مكسورة - وأسند عن يحيى قال : يحيى بن مسلم بصري متروك الحديث .
- ومن أحاديث الباب ما أخرجه الدارقطني في " سننه " عن سويد بن غفلة قال : سمعت علي بن أبي طالب يقول : كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يأمرنا أن نرتل الأذان ونحذف الإقامة انتهى . وأخرج أيضا عن مرحوم بن عبد العزيز عن أبيه عن أبي الزبير - مؤذن بيت المقدس - قال : جاءنا عمر بن الخطاب فقال : إذا أذنت فترسل وإذا أقمت فاحذم انتهى . وعبد العزيز مولى آل معاوية بن أبي سفيان القرشي البصري ذكر ابن أبي حاتم أنه روى عنه ابنه مرحوم ولم يعرف بحاله ولا ذكره غيره قال في " الإمام " : وروى الطبراني في " معجمه الوسط " عن عمرو بن بشير عن عمران بن مسلم عن سعيد بن علقمة عن علي قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يأمر بلالا أن يرتل الأذان ويحدر في الإقامة انتهى .
قوله : كما هو السنة " يعني تحويل الوجه في الأذان يمينا وشمالا مع ثبات القدمين " قلت : روى الأئمة الستة في " كتبهم " : البخاري في " الأذان ( 2 ) " ومسلم في " الصلاة " - في باب المرور بين يدي المصلي " من حديث أبي جحيفة أنه رأى بلالا يؤذن قال : فجعلت أتتبع فاه ههنا وههنا بالأذان يقول يمينا وشمالا : حي على الصلاة حي على الفلاح وذكر فيه قصة ورواه الباقون في " الأذان " ولفظ أبي داود : فلما بلغ حي على الصلاة حي على الفلاح لوى عنقه يمينا وشمالا ولم يستدر ثم دخل فأخرج العنزة وساق الحديث ولفظ الطبراني فيه : وجعل يقول برأسه . هكذا . وهكذا يمينا وشمالا حتى فرغ من أذانه ولفظ ابن ماجه ( 3 ) فيه مخالف لذلك قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلّم بالأبطح وهو في قبة حمراء فخرج بلال فأذن فاستدار في أذانه وجعل إصبعيه في أذنيه انتهى . أخرجه عن حجاج بن أرطاة عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه فذكر وبهذا اللفظ رواه الحاكم في " المستدرك " وقال : : لم يذكرا فيه إدخال الإصبعين في الأذنين والاستدارة في الأذان وهو صحيح على شرطهما جميعا انتهى ما وجدته كما عزواه وأخرجه الحاكم في " المستدرك - في كتاب الفضائل ( 4 ) " عن عبد الله ( 5 ) بن عمار بن سعد القرظ عن أبيه عن جده سعد القرظ قال : كان بلال إذا كبر بالأذان استقبل القبلة ثم يقول : الله أكبر . الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله " مرتين " أشهد أن محمدا رسول الله " مرتين " ويستقبل القبلة ثم ينحرف عن يمين القبلة فيقول : حي على الصلاة " مرتين " ثم ينحرف عن يسار القبلة فيقول : حي على الفلاح " مرتين " ثم يستقبل القبلة فيقول : الله أكبر . الله أكبر لا إله إلا الله مختصر وسكت عنه .
- حديث آخر أخرجه الدارقطني في " أفراده " عن عبد الله بن رشيد ثنا عبد الله بن يزيغ عن الحسن بن عمارة عن طلحة بن مصرف عن سويد بن غفلة عن بلال قال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم إذا أذنا أو أقمنا أن لا نزيل أقدامنا عن مواضعها رواه عن محمد بن معرج الجنديسابوري عن جعفر بن محمد بن حبيب عنه وقال : غريب من حديث سويد بن غفلة عن بلال تفرد به طلحة بن مصرف عنه وتفرد به الحسن بن عمارة عن طلحة وتفرد به عبد الله بن يزيغ عن الحسن وتفرد به عبد الله بن رشيد عنه انتهى . من " الإمام " .
وأما الأثران فقد تقدم عند ابن ماجه . والحاكم عن أبي جحيفة وفيه : فاستدار في أذانه ورواه الترمذي ( 6 ) حدثنا محمود بن غيلان ثنا عبد الرزاق ثنا سفيان الثوري عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال : رأيت بلالا يؤذن ويدور ويتبع فاه ههنا وههنا وإصبعاه في أذنيه وقال : حديث حسن صحيح واعترض البيهقي ( 7 ) فقال : الاستدارة في الأذان ليست في الطرق الصحيحة في حديث أبي جحيفة ونحن نتوهم أن سفيان رواه عن الحجاج بن أرطأة عن عون والحجاج غير محتج به وعبد الرزاق وهم فيه ثم أسند عن عبد الله بن محمد بن الوليد عن سفيان به وليس فيه " الاستدارة " وقد رويناه من حديث قيس بن الربيع عن عون وفيه : ولم يستدر قال الشيخ في " الإمام " : أما كونه ليس مخرجا في " الصحيح " فغير لازم وقد صححه الترمذي وهو من أئمة الشأن وأما أن عبد الرزاق وهم فيه فقد تابعه مؤمل كما أخرجه أبو عوانة في " صحيحه " عن مؤمل عن سفيان به نحوه وأما توهمه أنه سمع من حجاج بن أرطأة فقد جاء مصرحا به كما أخرجه الطبراني عن يحيى بن آدم عن سفيان عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال : رأيت بلالا أذن فاتبع فاه ههنا وههنا قال يحيى : قال سفيان : كان حجاج بن أرطأة يذكر عن عون أنه قال : واستدار في أذانه فلما لقينا عونا لم يذكر فيه : واستدار وأيضا فقد جاءت " الاستدارة " من غير جهة الحجاج أخرجه الطبراني أيضا عن زياد بن عبد الله عن إدريس الأودي عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال : أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلّم وحضرت الصلاة فقام بلال فأذن وجعل إصبعيه في أذنيه وجعل يستدير وذكر باقيه وأخرج أبو الشيخ الأصبهاني في " كتاب الأذان " عن حماد . وهيثم جميعا عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه أن بلالا أذن لرسول الله صلى الله عليه وسلّم بالبطحاء فوضع إصبعيه في أذنيه وجعل يستدير يمينا وشمالا .
_________ .
( 1 ) في " باب الترسل في الأذان " 27 .
( 2 ) البخاري في " هل يتبع المؤذن فاه ههنا وههنا " ص 88 ، ومسلم في " باب سترة المصلي " ص 196 ، وأبو داود في " باب المؤذن يستدير في أذانه " ص 84 ، والنسائي : في كيف يصنع المؤذن في أذانه " ص 106 .
( 3 ) في " باب السنة في الأذان " ص 52 .
( 4 ) ص 607 - ج 3 .
( 5 ) الصواب " عبد الرحمن " كما أشرنا إليه سابقا " .
( 6 ) في " باب ما جاء في إدخال الاصبع الأذن عند الأذان " ص 27 ، والنسائي في " الزينة - في باب اتخاذ القباب الحمر : ص 302 - ج 2 عن إسحاق الأزرق عن سفيان به .
( 7 ) في " السنن " ص 395 - ج 1