حديث آخر أخرجه ابن ماجه عن معمر " بتشديد الميم " بن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع حدثني أبي محمد عن أبي عبيد الله قال : رأيت بلالا يؤذن بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلّم مثنى مثنى ويقيم واحدة انتهى . قال في " الإمام " : ومعمر هذا متكلم فيه انتهى .
- حديث آخر أخرجه الدارقطني عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع قال : كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم مثنى مثنى والإقامة فرادى انتهى .
- حديث آخر أخرجه البيهقي عن محمد بن إسحاق عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال : كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم مثنى مثنى والإقامة مرة واحدة ( 24 ) انتهى . قال الحازمي في " كتابه الناسخ والمنسوخ ( 25 ) " : اختلف أهل العلم في هذا الباب فذهبت طائفة إلى أن الإقامة مثل الأذان مثنى مثنى وهو قول أبي حنيفة . وأهل الكوفة واحتجوا بما أخبرنا وأسند عن أحمد بن شعيب ثنا إبراهيم بن الحسن ثنا حجاج عن ابن جريج عن عثمان بن السائب قال : أخبرني أبي . وأم عبد الملك بن أبي محذورة عن أبي محذورة قال : لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلّم من حنين خرجت عاشر عشرة من أهل مكة أطلبهم فسمعناهم يؤذنون بالصلاة فقمنا نؤذن نستهزئ بهم فقال النبي صلى الله عليه وسلّم : " قد سمعت في هؤلاء تأذين إنسان حسن الصوت " فأرسل إلينا فجئنا فأذنا رجلا رجلا وكنت آخرهم فقال حين أذنت : " تعال فأجلسني ببين يديه ومسح على ناصيتي وبرك علي ثلاث مرات ثم قال : " اذهب فأذن عند البيت الحرام قلت : كيف يا رسول الله ؟ فعلمني : الله أكبر . الله أكبر . الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله . أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الله أكبر . الله أكبر . لا إله إلا الله " قال : وعلمني الإقامة مرتين مرتين : الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله . أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح . حي على الفلاح قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر . الله أكبر . لا إله إلا الله قال ابن جريج : أخبرني عثمان بن السائب بهذا الخبر كله عن أبيه وعن أم عبد الملك بن أبي محذورة أنهما سمعا ذلك من أبي محذورة قال : وهذا حديث حسن على شرط أبي داود . والترمذي . والنسائي وجعلوا هذا الحديث ناسخا لحديث أنس " أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة " قالوا : وحديث بلال إنما كان أول ما شرع الأذان كما دل عليه حديث أنس المذكور وحديث أبي محذورة كان عام حنين وبينهما مدة مديدة وخالفهم في ذلك أكثر أهل العلم وإليه ذهب مالك . والشافعي . وأحمد محتجين بحديث أنس قالوا : وحديث أبي محذورة لا يصلح أن يكون ناسخا لهذا لأن من شرط الناسخ أن يكون أصح سندا وأقوى من جميع جهات الترجيح على ما تقدم وحديث أبي محذورة لا يوازي حديث أنس من جهة واحدة فضلا عن الجهات كلها مع أن جماعة من الحفاظ ذهبوا إلى أن هذه اللفظة في تثنية الإقامة غير محفوظة ثم روى من طريق البخاري .
( 26 ) حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب أخبرني إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة أخبرني جدي عبد الملك بن أبي محذورة أنه سمع أبا محذورة يقول : إن النبي صلى الله عليه وسلّم أمره أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة وقال عبد الله بن الزبير الحميدي عن إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك قال أدركت جدي وأبي وأهلي يقيمون فيقولون : الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله . أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الفلاح قد قامت الصلاة الله أكبر . الله أكبر . لا إله إلا الله . وحكى الشافعي نحو ذلك عن ولد أبي محذورة وفي بقاء أبي محذورة وولده على إفراد الإقامة دلالة ظاهرة على وهم وقع في حديث أبي محذورة من تثنية الإقامة وقال بعض الأئمة : الحديث إنما ورد في تثنية كلمة التكبير وكلمة الإقامة فقط فحملها بعض الرواة على جميع كلماتها وفي رواية حجاج بن محمد . وعبد الرزاق عن ابن جريج عن عثمان بن السائب عن أبيه وعن أم عبد الملك بن أبي محذورة كليهما عن أبي محذورة ما يدل على ذلك ثم لو سلمنا أن هذه الزيادة محفوظة وأن الحديث ثابت لقلنا بأنه منسوخ فإن أذان بلال هو آخر الأذانين لأن النبي صلى الله عليه وسلّم لما عاد من حنين ورجع إلى المدينة أقر بلالا على أذانه وإقامته ثم أخرج من طريق أبي بكر الخلال أخبرني محمد بن علي أنبأ الأثرم قال : قيل لأبي عبد الله " يعني أحمد بن حنبل " : أليس حديث أبي محذورة بعد حديث عبد الله بن زيد لأن حديث أبي محذورة بعد فتح مكة ؟ فقال : أليس قد رجع النبي صلى الله عليه وسلّم إلى المدينة فأقر بلالا على أذان عبد الله بن زيد ؟ وبالإسناد قال الخلال : أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد قال : ناظرت أبا عبد الله في أذان أبي محذورة فقال : نعم قد كان أبو محذورة يؤذن ويثبت تثنية أذان أبي محذورة ولكن أذان بلال هو آخر الأذان انتهى كلام الحازمي . واعترض الشيخ تقي الدين في " الإمام " : قوله : من شرط الناسخ أن يكون أصح سندا وأقوى من جميع جهات الترجيح فقال : لا نسلم إن من شرط الناسخ ما ذكر بل يكفي فيه أن يكون صحيحا متأخرا معارضا غير ممكن الجمع بينه وبين معارضه فلو فرضناهما متساويين في الصحة ووجد ما ذكرناه من الشروط لثبت النسخ وأما أنه يشترط أن يكون أرجح من المعارض في الصحة فلا نسلم نعم لو كان دونه في الصحة ففيه نظر والله أعلم انتهى .
- أحاديث تثنية " قد قامت الصلاة " أخرج البخاري في " صحيحه ( 27 ) " عن سليمان بن حرب عن حماد عن سماك بن عطية عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس قال : أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة إلا الإقامة انتهى . قال في " الإمام " : قال ابن مندة : قوله : إلا الإقامة زيادة أدرجها سليمان بن حرب الحديث وقد رواه غير واحد عن حماد فلم يذكروا فيه هذه اللفظة ( 28 ) انتهى . ورواه أبو عوانة في " مسنده " والدارقطني في " سننه " من طريق عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس قال : كان بلال يثني الأذان ويوتر الإقامة إلا قول : " قد قامت الصلاة " .
- حديث آخر أخرجه أبو داود ( 29 ) عن أبي جعفر عن مسلم أبي المثنى عن ابن عمر قال : إنما كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم مرتين مرتين والإقامة مرة مرة غير أنه يقول : " قد قامت الصلاة . قد قامت الصلاة " قال في " الإمام " : وأخرجه ابن خزيمة في " صحيحه " . وأبو جعفر قال أبو زرعة : لا أعرفه إلا في هذا الحديث وأبو المثنى مسلم بن المثنى قيل : مهران قال أبو عمر : كوفي ثقة انتهى .
- ما جاء في إفرادها أخرج ابن عدي في " الكامل " عن عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد أخبرني أبي عن أبيه عن أبي أمامة أنه عليه السلام أمر بلالا أن يدخل إصبعه في أذنيه وقال : إنه أرفع لصوتك وأن أذان بلال كان مثنى مثنى وإقامته مفردة " قد قامت الصلاة " مرة واحدة قال في " الإمام " : ولم يذكر ابن عدي عبد الرحمن هذا بجرح ولا تعديل فهو مجهول عنده وأما ابن أبي حاتم فذكر تضعيفه وقال ابن القطان : عبد الرحمن هذا . وأبوه . وجده كلهم لا يعرف لهم حال انتهى .
_________ .
( 1 ) في " باب كيف الأذان " ص 82 ، وأحمد في " مسنده " ص 246 ، والبيهقي في " سننه " ص 296 - ج 2 مختصرا وقال : عبد الرحمن لم يدرك معاذا وسيأتي الحديث ص 349 .
( 2 ) أي ضربوا بالناقوس .
( 3 ) عند الطحاوي : ص 79 ، والدارقطني : ص 89 ، والبيهقي : ص 421 - ج 1 ، والترمذي في " باب ما جاء أن الإقامة مثنى مثنى " ص 27 .
( 4 ) قوله : أصحابنا قلت : بهذا اللفظ في رواية الطحاوي : ص 80 ، وأبي داود ص 81 ، والله أعلم .
( 5 ) ابن أبي شيبة في " مسنده " ص 136 ، والطحاوي في : ص 79 ، وص 80 ، والبيهقي : ص 420 - ج 1 ، وفي مصنف ابن أبي شيبة ص 145 ، وكيع ثنا الأعمش عن عمرو بن مرة عن ابن أبي ليلى قال : نا أصحاب محمد أن بلالا أذن مثنى وأقام مثنى وقعد قعدة " أي بين الأذان والإقامة " ) .
( 6 ) وقال ابن حزم في " المحلى " ص 158 - ج 3 : وهذا إسناد في غاية الصحة من إسناد الكوفيين اه .
( 7 ) في " باب ما جاء أن الإقامة مثنى مثنى " ص 27 .
( 8 ) في " باب كيف الأذان " ص 80 ، وابن ماجه في " باب الترجيع في الأذان " ص 52 ، وابن جارود في " الأذان " ص 85 .
( 9 ) في " باب الترجيع في الأذان " ص 27 ، والنسائي في " باب كم الأذان من كلمة " ص 103 ، والطحاوي : ص 78 .
( 10 ) إن كان هذا الاعتراض في السنن فقد التقطه المخرج من ص 417 - ج 1 ، وما بعدها من مواضع والله أعلم .
( 11 ) في " باب كيف الاذان " ص 79 ، والطحاوي : ص 80 .
( 12 ) في " باب الإقامة كيف هي " ص 81 .
( 13 ) ذكر الحافظ رواية الطحاوي من طريق عبد العزيز بن رفيع قال : سمعت أبا محذورة الخ وقال : هذا يرد قول الحاكم : إن عبد العزيز لم يدرك أبا محذورة اه .
( 14 ) ص 90 ، والطبراني : ص 80 ، وسيأتي الحديث في : ص 153 ، مع ما له وما عليه .
( 15 ) في نسخة " حارثة " .
( 16 ) والحازمي في " كتاب الناسخ والمنسوخ - له " ص 24 من جهة يعلى بن منصور عن عبد السلام به وكذا الدارقطني : ص 90 ، والطحاوي : ص 85 .
( 17 ) الطحاوي : ص 85 ، والبيهقي : ص 399 من جهة محمد بن سعيد .
( 18 ) في " باب الرجل يؤذن ويقيم آخر " ص 83 .
( 19 ) في " الناسخ والمنسوخ " ص 45 ، ولم أجد قوله واستشهاده الخ .
( 20 ) في " باب الأذان مثنى مثنى ص 85 ، ومسلم في " بدء الأذان " ص 164 .
( 21 ) قال ابن حزم في " المحلى " ص 152 ج 3 : قال علي : قد ذكرنا ما لا يختلف فيه اثنان من أهل النقل أن بلالا Bه لم يؤذن قط لأحد بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلا مرة واحدة بالشام ولم يتم أذانه فيها فصار هذا الخبر مسندا صحيح الإسناد صح أن الآمر له رسول الله صلى الله عليه وسلّم لا أحد غيره .
( 22 ) في " العلل " ص 94 .
( 23 ) في " باب الإقامة " ص 83 ، والنسائي في " باب كيف الإقامة " ص 108 .
( 24 ) قلت : يعارضه ما رواه الطبراني في " الكبير والأوسط " عن أبي جحيفة قال : أذن بلال للنبي صلى الله عليه وسلّم مثنى مثنى وأقام مثل ذلك قال الهيثمي في " الزوائد " ص 330 - ج 1 : رجاله ثقات .
( 25 ) في " باب تثنية الإقامة " ص 46 ، في كلام طويل اختصر المخرج وقدم وأخر .
( 26 ) وهذا الحديث لم يخرجه البخاري في " صحيحه " .
( 27 ) في باب الأذان مثنى مثنى " ص 85 .
( 28 ) قلت : روى الحديث أبو داود عن سليمان بن حرب . وعبد الرحمن بن المبارك قالا : ثنا حماد بإسناد البخاري قال أبو داود : وزاد حماد في حديثه : إلا الإقامة ثم روى من طريق إسماعيل بن علية عن خالد عن أبي قلابة عن أنس مثل حديث وهيب بدون : " الإقامة " قال إسماعيل : فحدثت به أيوب فقال : " إلا الإقامة " اه . وكذا في " المنتقى " من طريق إسماعيل : إلا الإقامة .
( 29 ) في " باب الإقامة " ص 83 والدارقطني : ص 88 ، والطحاوي : ص 80 ، والنسائي في " باب تثنية الإقامة " ص 103 ، وص 108 ، والحاكم في " المستدرك " ص 198 ، وقال : صحيح الإسناد والدارمي : ص 140 ، والبيهقي : ص 413 - ج 1