- الحديث الرابع : روي أن الملك النازل من السماء .
- أقام بصفة الأذان " يعني مثنى مثنى " وزاد : بعد الفلاح قد قامت الصلاة مرتين .
قلت : رواه أبو داود في " سننه ( 1 ) " من حديث المسعودي عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل قال : أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال وأحيل الصيام ثلاثة أحوال إلى أن قال : فجاء عبد الله بن زيد رجل من الأنصار وقال فيه : فاستقبل القبلة " يعني الملك " وقال : الله أكبر . الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الله أكبر . الله أكبر لا إله إلا الله ثم أمهل هنية ثم قام فقال مثلها إلا أنه زاد بعد ما قال : حي على الفلاح قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " لقنها بلالا " فأذن بها بلال مختصر . ورواه أيضا عن شعبة عن عمرو بن مرة قال : سمعت ابن أبي ليلى قال : حدثنا أصحابنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال : " لقد أعجبني أن تكون صلاة المسلمين أو المؤمنين واحدة حتى لقد هممت أن أبث رجالا في الدور ينادون الناس بحين الصلاة وحتى هممت أن آمر رجالا يقومون على الآطام ينادون بحين الصلاة حتى نقسوا ( 2 ) أو كادوا أن ينقسوا فقال : فجاء رجل من الأنصار فقال : يا رسو ل الله إني لما رجعت - لما رأيت من اهتمامك - رأيت رجلا كأن عليه ثوبين أخضرين فقام على المسجد فأذن ثم قعد قعدة ثم قام فقال مثلها إلا أنه يقول : قد قامت الصلاة ولولا أن يقول الناس : قال ابن المثنى أن يقولوا لقلت : إني كنت يقظان غير نائم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " لقد أراك الله خيرا فمر بلالا فليؤذن " فقال عمر : أما إني قد رأيت مثل الذي رأى ولكن لما سبقت استحيت قال : وحدثنا أصحابنا قال : كان رجل إذا جاء يسأل فيخبر بما سبق من صلاته وأنهم قاموا مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم من بين قائم وراكع وقاعد ومصل مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال : " فجاء معاذ فأشاروا إليه قال : فقال معاذ : لا أراه على حال إلا كنت عليها قال : فقال : إن معاذا قد سن لكم سنة كذلك فافعلوا مختصر وأخرجه الدارقطني في " سننه " عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل نحوه قال البيهقي في " كتاب المعرفة " : حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى قد اختلف عليه فيه فروى عنه عن عبد الله بن زيد ( 3 ) وروى عنه عن معاذ بن جبل وروى عنه قال : حدثنا أصحاب محمد قال ابن خزيمة : عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من معاذ ولا من عبد الله بن زيد وقال محمد بن إسحاق : لم يسمع منهما ولا من بلال فإن معاذا توفي في طاعون عمواس سنة ثمان عشرة وبلال توفي بدمشق سنة عشرين وعبد الرحمن بن أبي ليلى ولد لست بقين من خلافة عمر وكذلك قاله الواقدي . ومصعب الزبيري فثبت انقطاع حديثه انتهى كلامه . وقال المنذري في " مختصره " : قول ابن أبي ليلى : حدثنا أصحابنا ( 4 ) إن أراد الصحابة فهو قد سمع جماعة من الصحابة فيكون الحديث مسندا وإلا فهو مرسل انتهى . قلت : أراد به الصحابة صرح بذلك ابن أبي شيبة في " مصنفه ( 5 ) " فقال : حدثنا وكيع ثنا الأعمش عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلّم أن عبد الله بن زيد الأنصاري جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلّم فقال : يا رسول الله رأيت في المنام كأن رجلا قام وعليه بردان أخضران فقام على حائط فأذن مثنى مثنى وأقام مثنى مثنى انتهى . وأخرجه البيهقي في " سننه " عن وكيع به قال في " الإمام ( 6 ) " : وهذا رجال الصحيح وهو متصل على مذهب الجماعة في عدالة الصحابة وأن جهالة أسماءهم لا تضر .
- أحاديث الباب : روى الترمذي ( 7 ) من حديث عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الله بن زيد قال : كان أذان رسول الله صلى الله عليه وسلّم شفعا شفعا في الأذان والإقامة انتهى . ثم قال : وعبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من عبد الله بن زيد انتهى .
- حديث آخر أخرجه أبو داود . وابن ماجه في " سننهما ( 8 ) " عن همام بن يحيى عن عامر الأحول أن مكحولا حدثه أن عبد الله بن محيريز حدثه أن أبا محذورة حدثه قال : علمني رسول الله صلى الله عليه وسلّم الأذان تسعة عشر كلمة والإقامة سبع عشرة كلمة فذكر الأذان مفسرا بتربيع التكبير أوله وفيه الترجيع والإقامة مثله وزاد فيها : قد قامت الصلاة مرتين ورواه الترمذي ( 9 ) والنسائي مختصرا لم يذكرا فيه لفظ الأذان والإقامة إلا أن النسائي قال : ثم عدها أبو محذورة تسع عشرة كلمة وسبع عشرة كلمة وقال الترمذي : حديث حسن صحيح ورواه ابن خزيمة في " صحيحه " ولفظه : فعلمه الأذان والإقامة مثنى مثنى وكذلك رواه ابن حبان في " صحيحه " قال في " الإمام " : وهذا السند على شرط الصحيح وهمام بن يحيى احتج به الشيخان وعامر بن عبد الواحد احتج به مسلم واعترض البيهقي ( 10 ) وقال : وهذا الحديث قد رواه هشام الدستوائي عن عامر الأحول دون ذكر الإقامة كما أخرجه مسلم في " صحيحه " وهذا الخبر عندي غير محفوظ لوجوه : أحدها : أن مسلما لم يخرجه ولو كان محفوظا لما تركه مسلم . الثاني : أن أبا محذورة قد روى عنه خلافه . الثالث : أن هذا الخبر لم يدم عليه أبو محذورة ولا أولاده ولو كان هذا حكما ثابتا لما فعلوا بخلافه ثم أسند عن إسحاق بن راهويه أنا إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة قال : أدركت أبي وجدي يؤذنون هذا الأذان ويقيمون هذه الإقامة فذكر الأذان مفسرا بتربيع التكبير أوله وتثنية الشهادتين ثم يرجع بها مثنى مثنى وتثنية الحيعلتين . والتكبير ويختم بلا إله إلا الله والإقامة فرادى وتثنية التكبير أولها وآخرها وأجاب الشيخ في " الإمام " بأن عدم تخريج مسلم له ليس بمقتض لعدم صحته لأنه لم يلتزم إخراج كل الصحيح وما أخرجه البيهقي من روايات ولد أبي محذورة فلم يقع لها في الصحيح ذكر ثم إن لحديث همام ترجيحات : أحددها : أن رجاله رجال الصحيح وأن أولاد أبي محذورة لم يخرج لهم في الصحيح . الثاني : أن فيه ذكر الكلمات تسع عشر . وسبع عشر وهذا ينفي الغلط في العدد بخلاف غيره من الروايات فإنه قد يقع فيها اختلاف وإسقاط . الثالث : أنه قد وجد متابعة لهمام في روايته عن عامر كما أخرجه الطبراني عن سعيد بن أبي عروبة عن عامر بن عبد الواحد عن مكحول عن عبد الله بن أبي محيريز عن أبي محذورة قال : علمني النبي صلى الله عليه وسلّم الأذان تسع عشر كلمة والإقامة سبع عشر كلمة ثم إنه معارض بتصحيح الترمذي له وقوله : إن هذا لم يدم عليه أبو محذورة فهذا داخل في باب الترجيح لا في باب التضعيف لأن عمدة التصحيح عدالة الراوي وترك العمل بالحديث لوجود ما هو أرجح منه لا يلزم منه ضعفه ألا ترى أن الأحاديث المنسوخة يحكم بصحتها إذا كانت رواتها عدولا ولا يعمل بها لوجود الناسخ وإذا آل الأمر إلى الترجيح فقد تختلف الناس فيه فالبيهقي صدر كلامه بما يقتضي أن الحديث غير محفوظ وفي آخر كلامه ما يقتضي أنه غير معمول به كلامه . وله طريق آخر عند أبي داود ( 11 ) أخرجه عن ابن جريج عن عثمان بن السائب أخبرني أبي وأم عبد الملك بن أبي محذورة وفيه : وعلمني الإقامة مرتين مرتين ثم ذكرها مفسرة وله طريق آخر عند الطحاوي ( 12 ) أخرجه عن شريك عن عبد العزيز بن رفيع قال : سمعت أبا محذورة يؤذن مثنى مثنى ويقيم مثنى مثنى . قال في " الإمام " : قال ابن معين : عبد العزيز بن رفيع ثقة قال : وذكر البيهقي عن الحاكم ما يقتضي أن عبد العزيز لم يدرك أبا محذورة ( 13 ) .
- حديث آخر أخرجه عبد الرزاق في " مصنفه " أخبرنا معمر عن حماد عن إبراهيم عن الأسود بن يزيد أن بلالا كان يثني الأذان ويثني الإقامة وكان يبدأ بالتكبير ويختم بالتكبير انتهى . ومن طريق عبد الرزاق رواه الدارقطني في " سننه ( 14 ) " والطحاوي في " شرح الآثار " قال ابن الجوزي في " التحقيق " : والأسود لم يدرك بلالا قال صاحب " التنقيح " : وفيما قاله نظر وقد روى النسائي للأسود عن بلال حديثا انتهى . ورواه الطبراني في " كتاب مسند الشاميين " عن إسماعيل بن عياش عن عبد العزيز بن عبيد الله عن ابن عبادة بن نسي عن جنادة بن أبي أمية عن بلال أنه كان يجعل الأذان والإقامة سواء مثنى مثنى وكان يجعل إصبعه في أذنه انتهى .
- حديث آخر أخرجه الدارقطني في " سننه " عن زياد بن عبد الله البكائي ثنا إدريس الأودي عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه أن بلالا كان يؤذن للنبي صلى الله عليه وسلّم مثنى مثنى ويقيم مثنى مثنى انتهى . وزياد البكائي مختلف فيه فقال ابن معين : ليس بشيء وقال ابن المديني : لا أروي عنه ووثقه أحمد وقال أبو زرعة : صدوق وأعله ابن حبان في " كتاب الضعفاء " بزياد ونقل عن ابن معين أنه قال : ليس حديثه بشيء وقال وكيع : هو أشرف من أن يكذب انتهى . واحتج به مسلم ورواه له البخاري مقرونا بغيره .
- الآثار روى الطحاوي في " شرح الآثار " من حديث وكيع عن إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع بن جارية ( 15 ) عن عبيد مولى سلمة بن الأكوع أن سلمة بن الأكوع كان يثني الإقامة حدثنا محمد بن خزيمة حدثنا محمد بن سنان حدثنا حماد بن سلمة عن حماد عن إبراهيم قال : كان ثوبان يؤذن مثنى ويقيم مثنى حدثنا يزيد بن سنان حدثنا يحيى بن سعيد القطان حدثنا فطر بن خليفة عن مجاهد قال في الإقامة : مرة مرة إنما هو شيء أحدثه الأمراء وإن الأصل هو التثنية انتهى .
- حديث آخر مرفوع أخرجه البيهقي في " الخلافيات " عن سليمان بن داود الرازي عن أبي أسامة عن أبي العميس قال : سمعت عبد الله بن محمد بن عبد الله بن زيد الأنصاري يحدث عن أبيه عن جده أنه أري الأذان مثنى مثنى والإقامة مثنى مثنى قال : فأتيت النبي E فأخبرته فقال : " علمهن بلالا فعلمتهن بلالا قال : فتقدمت فأمرني أن أقيم فأقمت انتهى . قال البيهقي : قال الحاكم : هذا في متنه ضعيف فإن أبا أسامة أتى فيه بشيء لم يروه أحد وهو أن بلالا أذن وعبد الله بن زيد أقام وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلّم " من أذن فهو يقيم " أخبار كثيرة وقد رواه عبد السلام بن حرب عن أبي العميس فلم يذكر فيه تثنية الإقامة وعبد السلام أعلم الكوفيين بحديث أبي العميس وأكثرهم عنه رواية قال في " الإمام " : وحديث عبد السلام بن حرب رواه الحاكم والطحاوي وعما قاله البيهقي عن الحاكم جوابان : أحدهما أن الراوي إذا كان ثقة يقبل ما يتفرد به وأبو أسامة لا يسأل عنه فإنه ثقة عندهم : ومخرج له في الصحيح والراوي عنه سليمان بن داود الرازي قال ابن أبي حاتم فيه : صدوق والراوي عنه عبد الرحمن بن أبي حاتم وعن عبد الرحمن أبو علي الحافظ وعنه الحاكم وهؤلاء أعلام مشاهير . الثاني : أن أبا أسامة لم يتفرد به فإن عبد السلام بن حرب الذي قال الحاكم : إنه رواه عن أبي العميس ولم يذكر فيه الإقامة قد روى هذا الحديث بالإسناد المذكور وفيه إقامة عبد الله بن زيد بعد أذان بلال هكذا رواه الحاكم ورواه أبو حفص بن شاهين ( 16 ) من جهة محمد بن سعيد الأصبهاني ( 17 ) عن عبد السلام بن حرب عن أبي العميس عن عبد الله بن محمد عن عبد الله بن زيد عن أبيه عن جده أنه حين أري الأذان أمر بلالا فأذن ثم أمر عبد الله بن زيد فأقام وروى أبو داود في " سننه ( 18 ) " حدثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا حماد بن خالد ثنا محمد بن عمرو عن محمد بن عبد الله عن عمه عبد الله بن زيد قال : أراد النبي صلى الله عليه وسلّم في الأذان أشياء يصنع منها شيئا قال : فأري عبد الله بن زيد الأذان في المنام فأتى النبي صلى الله عليه وسلّم فأخبره فقال : " ألقه على بلال " فألقاه عليه فأذن بلال فقال عبد الله : أنا رأيته وأنا كنت أريده قال : " فأقم أنت " انتهى . قال الحازمي ( 19 ) : هذا إسناد حسن واستشهاده بحديث " من أذن فهو يقيم " استدلال بالمعارضة وليست المعارضة بموجبة لبطلان المعارض انتهى كلامه .
- أحاديث الخصوم : منها حديث أنس قال : أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة رواه البخاري . ومسلم قال الشيخ في " الإمام " ( 20 ) : والصحيح من مذهب الفقهاء والأصوليين أن قول الراوي : أمر أو أمرنا ملحق بالمسند ( 21 ) . لكنه ورد بصيغة الرفع كما روى قتيبة عن عبد الوهاب عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس أن النبي A أمر بلالا أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة إلا أن ابن أبي حاتم ( 22 ) ذكر عن أبي زرعة أنه قال : هذا حديث منكر انتهى . لم يذكر من خرجه .
- حديث آخر أخرجه أبو داود . والنسائي ( 23 ) . وابن حبان عن ابن عمر قال : إنما كان الأذان على عهد رسول الله A مرتين مرتين والإقامة مرة مرة غير أنه يقول : قد قامت الصلاة وقد تقدم في أحاديث الترجيع .
- حديث آخر أخرجه الدارقطني في " سننه " عن عبد الملك بن أبي محذورة أنه سمع أباه يقول : إن النبي A أمره أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة انتهى . أخرجه عبد الله بن عبد الوهاب ثنا إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة حدثني عبد الملك بن أبي محذورة أن أباه به .
- حديث آخر أخرجه ابن ماجه عن عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد حدثني أبي عن أبيه عن جده أن أذان بلال كان مثنى مثنى وإقامته مفردة انتهى . قال في " الإمام " : ذكر ابن أبي حاتم عن أبي بكر بن أبي حيثمة عن ابن معين أنه قال في عبد الرحمن هذا : ضعيف .
( يتبع ... )