- الحديث الثالث : روي عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال لعائشة في المني : .
- " فاغسليه إن كان رطبا وافركيه إن كان يابسا " .
قلت : غريب وروى الدارقطني في " سننه ( 1 ) " من حديث عبد الله بن الزبير ( 2 ) ثنا بشر بن بكر ثنا الأوزاعي عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت : كنت أفرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا كان يابسا وأغسله إذا كان رطبا انتهى . ورواه البزار في " مسنده " وقال : لا يعلم أسنده عن عائشة إلا عبد الله بن الزبير ( 3 ) هذا ورواه غيره عن عمرة مرسلا انتهى . قال ابن الجوزي في " التحقيق " : والحنفية يحتجون على نجاسة المني بحديث رووه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال لعائشة : " اغسليه إن كان رطبا وافركيه إن كان يابسا " قال : وهذا حديث لا يعرف وإنما روى نحوه من كلام عائشة ثم ذكر حديث الدارقطني المذكور والله أعلم ومن الناس من حمل فرك الثوب على غير الثوب الذي يصلى فيه وهذا ينتقص بما وقع في " مسلم ( 4 ) " : كنت أفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيصلي فيه وعند أبي داود ( 5 ) ثم يصلي فيه والفاء ترفع احتمال غسله بعد الفرك وحمله بعض المالكية على الفرك بالماء وهذا ينتقص بما في " مسلم " أيضا لقد رأيتني وإني لأحكه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بظفري والله أعلم .
- أحاديث الباب : روى البخاري . ومسلم ( 6 ) من حديث عائشة أنها كانت تغسل المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيخرج فيصلي وأنا أنظر إلى بقع الماء في ثوبه انتهى . قال البيهقي : وهذا لا منافاة بينه وبين قولها : كنت أفرك من ثوبه ثم يصلي فيه كما لا منافاة بين غسليه قدميه ومسحه على الخفين انتهى . وقال ابن الجوزي ( 7 ) : ليس في هذا الحديث حجة لأن غسله كان للاستقذار لا للنجاسة .
- حديث آخر إنما يغسل الثوب من خمس : سيأتي قريبا .
- الآثار : روى ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا حسين بن علي عن جعفر بن برقان عن خالد بن أبي عزة قال : سأل رجل عمر بن الخطاب فقال : إني احتلمت على طنفسة فقال : " إن كان رطبا فاغسله وإن كان يابسا فاحككه وإن خفي عليك فارششه بالماء انتهى .
- أحاديث الخصوم روى أحمد في " مسنده " حدثنا معاذ بن معاذ أنبأ عكرمة بن عمار عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يسلت المني من ثوبه بعرق الأذخر ثم يصلي فيه ويحته يابسا ثم يصلي فيه انتهى .
- حديث آخر أخرجه الدارقطني في " سننه " . والطبراني في " معجمه " عن إسحاق بن يوسف الأزرق عن شريك القاضي عن محمد بن عبد الرحمن ( 8 ) عن عطاء عن ابن عباس قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلّم عن المني يصيب الثوب قال : " إنما هو بمنزلة المخاط أو البزاق وقال : إنما يكفيك أن تمسحه بخرقة أو بأذخرة " انتهى . قال الدارقطني : لم يرفعه غير إسحاق الأزرق عن شريك انتهى . قال ابن الجوزي في " التحقيق " : وإسحاق إمام مخرج له في " الصحيحين " ورفعه زيادة وهي من الثقة مقبولة ومن وقفه لم يحفظ انتهى . ورواه البيهقي في " المعرفة ( 9 ) " من طريق الشافعي ثنا سفيان عن عمرو بن دينار . وابن جريج كلاهما عن عطاء عن ابن عباس موقوفا وقال : هذا هو الصحيح موقوف وقد روي عن شريك عن ابن ليلى عن عطاء مرفوعا ولا يثبت انتهى .
_________ .
( 1 ) ص 46 ، والطحاوي في : ص 30 ، والبيهقي : ص 417 - ج 2 .
( 2 ) الحميدي .
( 3 ) عبد الله بن الزبير بن عيسى القرشي الحميدي المكي أبو بكر ثقة حافظ فقيه أجل أصحاب بن عيينة قال الحاكم : كان البخاري إذا وجد الحديث عن الحميدي لا يعزوه إلى غيره " تقريب " .
( 4 ) في " باب حكم المني " ص 140 - ج 1 .
( 5 ) في " باب المني يصيب الثوب " ص 59 ، وفيه : فيصلي فيه اه . وأخرجه الطحاوي : ص 31 ، وفيه : ثم يصلي فيه .
( 6 ) البخاري في " باب غسل المني وفركه " ص 36 ، ومسلم في " باب حكم المني " ص 140 ، وأقرب ألفاظ المخرج ما عند الدارقطني : ص 46 ، وأخرج ابن جارود ص 73 من حديث عائشة قالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلّم كان إذا أصابه المني غسل ما أصابه ثم يخرج إلى الصلاة وأنا أنظر إلى البقع في ثوبه من أثر الغسل اه .
( 7 ) قال الشوكاني في " النيل " ص 48 - ج 1 : قالوا : الأصل الطهارة فلا ينتقل عنها إلا بدليل وأجيب بأن التعبد بالإزالة غسلا أو مسحا أو فركا أو حتا أو سلتا أو حكا ثابت ولا معنى لكون الشيء إلا أنه مأمور بإزالته بما أحال عليه الشارع فالصواب أن المني نجس يجوز تطهيره بأحد الأمور الواردة اه .
( 8 ) قال الدارقطني : محمد بن عبد الرحمن هو ابن أبي ليلى ثقة في حفظه وقال في " موضع آخر : رديء الحفظ كثير الوهم .
( 9 ) وقال في " السنن " ص 418 - ج 2 : هذا صحيح عن ابن عباس من قوله : وقد روي مرفوعا ولا يصح رفعه اه