- الحديث الثالث : حديث أكل أولادك نحلت مثل هذا ؟ .
قلت : أخرجه الأئمة الستة ( 1 ) عن النعمان بن بشير قال : إن أباه أتى النبي صلى الله عليه وسلّم فقال : إني نحلت ابني هذا غلاما كان لي فقال النبي صلى الله عليه وسلّم : أكل ولدك نحلته مثل هذا ؟ قال : لا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : فارجعه زاد مسلم في لفظ : أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء ؟ قال بلى قال : فلا إذن انتهى . أخرجه البخاري ومسلم في " الهبة " وأبو داود في " االبيوع " والنسائي في " النحل " والترمذي وابن ماجه في " الأحكام " أخرجوه من غير وجه عن النعمان بن بشير بألفاظ مختلفة والمعنى واحد وفي لفظ للدارقطني : أن الذي نحله أبو النعمان للنعمان كان حائطا من نخل قال أبو عبيد القاسم بن سلام في " كتاب الأموال " : الحائط هو المخرف ذو النخل والشجر والزرع انتهى . قال البيهقي في " المعرفة " : في الحديث دلالة على أمور : منها حسن الأدب في أن لا يفضل أحد بعض ولده على بعض في كل فيعرض في قلبه شيء يمنعه من بره لأن كثيرا من قلوب الناس جبلت على القصور في البر إذا أوثر عليه ومنها أن نحل الوالد بعض ولده دون بعض جائز وإلا لكان عطاؤه وتركه سواء قال الشافعي : وقد فضل أبو بكر عائشة بنحل وفضل عمر ابنه عاصما بشيء أعطاه وفضل عبد الرحمن بن عوف ولد أم كلثوم ومنها رجوع الوالد في هبته للولد انتهى . ومذهب أحمد وجوب التساوي بين الولد وإن نحل بعضهم وجب الرجوع فيه آخذا بظاهر الحديث هكذا نقله ابن الجوزي في " التحقيق " واستدل للقائلين بعدم وجوب الرجوع بما رواه سعيد بن منصور حدثنا إسماعيل بن عياش عن سعيد بن يوسف عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : ساووا بين أولادكم في العطية فلو كنت مفضلا أحدا لفضلت النساء انتهى . ورواه ابن عدي وقال : لا أعلم يرويه عنه غير إسماعيل بن عياش وهو قليل الحديث ورواياته بإثبات الأسانيد لا بأس بها ولا أعرف له شيئا أنكر مما ذكرت من حديث عكرمة عن ابن عباس وذكره ابن حبان في " الثقات " قال في " التنقيح " : وسعيد بن يوسف تكلم فيه أحمد وابن معين والنسائي انتهى .
_________ .
( 1 ) عند البخاري في " الهبة - باب الهبة للولد " ص 352 - ج 1 ، وعند مسلم في " الهبة - باب كراهية تفضيل بعض الأولاد في الهبة " ص 36 - ج 2 ، وعند الدارقطني في " البيوع " ص 306 - ج 2