- الحديث الثاني : قال عليه السلام : .
- " من قلد إنسانا عملا وفي رعيته من هو أولى منه فقد خان الله ورسوله وجماعة المسلمين " .
قلت : روي من حديث ابن عباس ومن حديث حذيفة .
- فحديث ابن عباس : أخرجه الحاكم في " المستدرك ( 1 ) في كتاب الأحكام " عن حسين بن قيس الرحبي عن عكرمة عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " من استعمل رجلا على عصابة وفي تلك العصابة من هو أرضى لله منه فقد خان الله ورسوله وجماعة المسلمين " انتهى . وقال : حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وتعقبه شيخنا شمس الدين الذهبي في " مختصره " وقال : حسين بن قيس ضعيف انتهى . قلت : رواه ابن عدي في " الكامل " وضعف حسين بن قيس عن النسائي وأحمد بن حنبل ورواه العقيلي أيضا في " كتابه " وأعله بحسين بن قيس وقال : إنما يعرف هذا من كلام عمر بن الخطاب انتهى . وأخرجه الطبراني في " معجمه " عن حمزة النصيبيني عن عمرو بن دينار عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : من تولى من أمر المسليمن شيئا فاستعمل عليهم رجلا وهو يعلم أن فيهم من هو أولى بذلك وأعلم منه بكتاب الله وسنة رسوله فقد خان الله ورسوله وجماعة المسلمين مختصر . وأخرجه الخطيب البغدادي في " تاريخ بغداد " عن إبراهيم بن زياد القرشي عن خصيف عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا بلفظ الطبراني قال الخطيب : وإبراهيم بن زياد في حديثه نكرة وقال ابن معين : لا أعرفه انتهى .
- وأما حديث حذيفة : فرواه أبو يعلى الموصلي في " مسنده " حدثنا أبو وائل خالد بن محمد البصري ثنا عبد الله بن بكر السهمي ثنا خلف بن خلف عن إبراهيم بن سالم عن عمرو بن ضرار عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : " أيما رجل استعمل رجلا على عشرة أنفس وعلم أن في العشرة من هو أفضل منه فقد غش الله ورسوله وجماعة المسلمين " انتهى .
- قوله : روي عن الصحابة أنهم تقلدوا القضاء وكفى بهم قدوة قلت : تقدم عند أبي داود والترمذي وابن ماجه أن عليا تقلد القضاء من النبي صلى الله عليه وسلّم وقال الترمذي : حديث حسن وأخرج البيهقي أن أبا بكر لما ولى ولى عمر بن الخطاب القضاء وأبا عبيدة المال وأخرج أيضا عن عن أبي وائل أن عمر استعمل عبد الله بن مسعود على القضاء وبيت المال وأخرج ابن سعد في " الطبقات " أخبرنا عفان بن مسلم ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا الحجاج بن أرطأة عن نافع قال : لما استعمل عمر بن الخطاب زيد بن ثابت على القضاء فرض له رزقا انتهى .
[ أحاديث مختلفة ] : .
- أحاديث الاجتهاد والقياس : أخرج البخاري ومسلم ( 2 ) عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص عن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول : " إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإذا حكم وأخطأ فله أجر " انتهى . وأخرج أبو داود والترمذي ( 3 ) عن الحارث ابن عمرو عن أناس من أهل حمص من أصحاب معاذ عن معاذ أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم لما بعثه إلى اليمن قال له : كيف تقضي إذا عرض لك قضاء ؟ قال : أقضي بكتاب الله قال : فإن لم تجد في كتاب الله ؟ قال : فبسنة رسول الله قال : فإن لم تجد في سنة رسول الله ولا في كتاب الله ؟ قال : أجتهد رأيي ولا آلو فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلّم صدره وقال : الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله انتهى . وأخرجاه أيضا عن أناس من أصحاب معاذ أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم مرسلا قال الترمذي : هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه وليس إسناده بمتصل انتهى . وقال البخاري في " تاريخه الكبير " : الحارث بن عمرو بن أخي المغيرة بن شعبة الثقفي عن أصحاب معاذ عن معاذ روى عنه أبو عون ولا يصح ولا يعرف إلا بهذا مرسل انتهى . وفيه كتاب عمر إلى أبي موسى رواه الدارقطني ( 4 ) ثم البيهقي في " سننيهما " وفيه : الفهم فيما يختلج في صدرك مما لم يبلغك في الكتاب والسنة أعرف الأشباه والأمثال ثم قس الأمور عند ذلك فاعمل إلى أحبها إلى الله وأشبهها بالحق فيما ترى الحديث وسيأتي بتمامه قريبا قال البيهقي : والاجتهاد هو القياس وأخرج عن جماعة من الصحابة أنهم اجتهدوا وقاسوا فأخرج عن سفيان حدثني عبد الله بن أبي يزيد قال : سمعت ابن عباس إذا سئل عن الشيء فإن كان في كتاب الله قال به وإن لم يجد وكان في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال به فإن لم يجد وكان عن أبي بكر أو عمر قال به فإن لم يجد اجتهد رأيه انتهى . وقال : إسناده صحيح وأخرج حديث ابن مسعود قال : لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلّم قالت الأنصار : منا أمير ومنكم أمير فبلغ ذلك عمر فأتاهم فقال لهم : يا معشر الأنصار ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال : مروا أبا بكر أن يصلي بالناس ؟ قالوا : نعم قال : فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر ؟ فقالت الأنصار : نعوذ بالله أن نتقدم أبا بكر قال البيهقي : فقد قاس عمر الإمامة في سائر الأمور على إمامة الصلاة وقبله منه جميع الصحابة المهاجرين والأنصار وأخرج حديث ابن مسعود في قصة بروع بنت واشق أقول فيها برأيي فإن كان صوابا فمن الله وإن كان خطأ فمني وحديث أبي بكر في " الكلالة " أقول فيها برأيي فإن يك صوابا فمن الله وإن يك خطأ فمني ومن الشيطان وعن مالك بن أنس قال : أنزل الله كتابه وترك فيه موضعا لسنة نبيه وسن نبيه صلى الله عليه وسلّم السنن وترك فيها موضعا للرأي والقياس انتهى .
_________ .
( 1 ) في " المستدرك - في الأحكام " ص 92 - ج 4 ، ولفظه : من استعمل رجلا من عصابة الحديث ولم يذكره الذهبي في " تلخيصه " .
( 2 ) عند البخاري في " أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ " ص 1092 - ج 2 ، وعند مسلم في " الأقضية - باب بيان أجر الحاكم إذا اجتهد " ص 76 - ج 2 .
( 3 ) عند أبي داود في " القضاء - باب اجتهاد الرأي في القضاء " ص 149 - ج 2 ، وعند الترمذي في " الأحكام - باب ما جاء في القاضي كيف يقضي " ص 171 - ج 1 .
( 4 ) كتاب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب عند الدارقطني في " الأقضية " ص 512 - ج 2 ، وسيأتي في هذا الكتاب أيضا والكتاب تفهيق فيه بحر بلاغته وأودع فيه من الحكمة وفصل الخطاب كيف وقد كان ينطق عن لسان الوحي وإن لم يوح إليه