- الحديث السابع والثلاثون : قال النبي صلى الله عليه وسلّم : .
- " لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ولا يغتسلن فيه من الجنابة " .
قلت : : رواه بهذا اللفظ أبو داود ( 1 ) . وابن ماجه من حديث محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ولا يغتسل فيه من الجنابة " انتهى . وهو في " الصحيحين " ( 2 ) من حديث أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ " لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه " وفي لفظ " ثم يغتسل منه " وفي لفظ الترمذي : " ثم يتوضأ منه " وروى مسلم من حديث أبي السائب عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم " لا يغتسلن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ( 3 ) وهو جنب " فقال : كيف يفعل يا أبا هريرة ؟ قال : يتناوله تناولا وروي أيضا من حديث أبي الزبير عن جابر مرفوعا " لا يبولن ( 4 ) أحدكم في الماء الراكد " انتهى . وروى البيهقي من حديث ابن عجلان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه نهى أن يبال في الماء الراكد وأن يغتسل فيه من الجنابة انتهى . ووهم شيخنا علاء الدين مقلدا لغيره في عزوه هذا الحديث لمسلم عن طلحة وإنما رواه مسلم عن أبي هريرة وروى بعضه عن جابر ولم يخرج مسلم لطلحة في " كتابه إلا خمسة أحاديث ليس هذا منها : فأولها حديث " جاء رجل من أهل نجد ثائر الرأس " أخرجه في " كتاب الايمان " وشاركه فيه البخاري ثم حديث " الصلاة إلى مؤخرة الرحل " أخرجه في " الصلاة " ثم حديث " أهدى لنا طير ونحن حرم " أخرجه في " الحج " ثم حديث " لم يبق مع النبي صلى الله عليه وسلّم غير طلحة وسعد " وحديث ( 5 ) " مررت مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم بقوم على رؤوس النخل " أخرجهما في " الفضائل " فالمقلد ذهل والمقلد جهل ؟ قوله : وما رواه مالك ورد في بئر بضاعة وماءها كان جاريا بين البساتين قلت : يريد بما رواه مالك حديث " الماء طهور لا ينجسه شيء " وقد تقدم أول الباب ووروده في بئر بضاعة أخرجه أبو داود . والترمذي . والنسائي عن عبيد الله بن عبد الله بن رافع بن خديج عن أبي سعيد الخدري قال : قيل : يا رسول الله أنتوضأ من بئر بضاعة وهي تلقى فيها الحيض . ولحوم الكلاب . والنتن ؟ فقال عليه السلام : " إن الماء طهور لا ينجسه شيء " انتهى . قال الترمذي : حديث حسن انتهى . وضعف ابن القطان في " كتابه الوهم والإيهام " هذا الحديث وقال : إن في إسناده اختلافا فقوم يقولون ( 6 ) : عبيد الله بن عبد الله بن رافع وقوم يقولون ( 7 ) : عبد الله بن عبد الله بن رافع ومنهم من يقول ( 8 ) : عبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع ومنهم من يقول عبد الله ومنهم من يقول ( 9 ) : عن عبد الرحمن بن رافع قال : فيحصل فيه خمسة أقوال وكيفما كان فهو لا يعرف له حال ولا عين وله إسناد صحيح من رواية سهل بن سعد قال قاسم بن أصبغ ( 10 ) : حدثنا محمد بن وضاح ثنا أبو علي عبد الصمد بن أبي سكينة ثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه عن سهل بن سعد قال : قالوا : يا رسول الله إنك تتوضأ من بئر بضاعة وفيها ما ينجي الناس . والمحايض . والخبث فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " الماء لا ينجسه شيء " قال قاسم : هذا أحسن شيء في بئر بضاعة انتهى كلامه . وذكر البيهقي في " سننه ( 11 ) " ما وقع في هذا الحديث من الاختلاف في " باب الماء الكثير لا ينجس بنجاسة تحدث فيه " وأطال فيه ثم أخرجه ( 12 ) عن حاتم بن إسماعيل ثنا محمد بن أبي يحيى عن أمه ( 13 ) قالت : دخلت على سهل بن سعد في نسوة فقال : لو أني أسقيكم من بئر بضاعة لكرهتم ذلك وقد والله سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم بيدي منها ثم قال : وهذا إسناد حسن موصول انتهى . وقول صاحب الكتاب : إن ماءها كان جاريا بين البساتين هذا رواه الطحاوي في " شرح الآثار " عن الواقدي فقال : : أخبرنا أبو جعفر أحمد بن أبي عمران عن أبي عبد الله محمد بن شجاع الثلجي عن الواقدي قال : كانت بئر بضاعة طريقا للماء إلى البساتين انتهى . وهذا سند ضعيف . ومرسل ومدلوله على جريانها غير ظاهر قال البيهقي في " المعرفة " : وزعم الطحاوي ( 14 ) أن بئر بضاعة كان ماؤها جاريا لا يستقر وأنها كانت طريقا إلى البساتين ونقل ذلك عن الواقدي والواقدي لا يحتج بما يسنده فضلا عما يرسله وحال بئر بضاعة مشهور بين أهل الحجاز بخلاف ما حكاه انتهى . وقول صاحب الكتاب : وما رواه الشافعي ضعفه أبو داود هذا غير صحيح فإن أبا داود روى حديث القلتين وسكت عنه فهو صحيح عنده على عادته في ذلك ثم أردفه بكلام دل على تصحيحه له وتضعيفه لمذهب مخالفه فقال : قال قتيبة بن سعيد : سألت : - فيم بئر بضاعة - عن عمقها ؟ فقال : أكثر ما يكون فيها الماء إلى العانة فإذا نقص كان إلى العورة قال أبو داود : ومددت ردائي عليهما ثم ذرعته فإذا عرضها ستة أذرع وسألت الذي فتح باب البساتين هل غير بناؤها عما كانت عليه ؟ فقال : لا ورأيت فيها ماءا متغير اللون انتهى . وجهل من عزى حديث بئر بضاعة لابن ماجه .
_________ .
( 1 ) في " باب البول في الماء الراكد " ص 11 : بغير لفظ التأكيد . وابن ماجه في " باب البول في الماء الراكد : ص 29 من طريق ابن عجلان وليس فيه " ولا يغتسلن فيه من الجنابة " ورواه الطحاوي من طريق ابن عجلان : ص 8 ، ولم يذكر التوكيد . ولا الجنابة .
( 2 ) البخاري : ص 37 : ومسلم : ص 138 .
( 3 ) لفظه " لا يجري " لم أجده في " مسلم " .
( 4 ) ليس بهذا اللفظ بل بلفظ " نهى أن يبال في الماء الراكد " .
( 5 ) أخرجه : ص 264 - ج 2 ، في " باب وجوب امتثال ما قاله شرعا " .
( 6 ) هو عند أبي داود . والترمذي .
( 7 ) عند الدارقطني .
( 8 ) عند النسائي .
( 9 ) عند الدارقطني .
( 10 ) قاسم بن أصبغ الحافظ محدث أندلس محمد بن وضاح القرطبي الحافظ محدث أندلس من رجال اللسان : ص 16 - ج 5 ، قال الحافظ : صدوق في نفسه " وعبد الصمد " هذا لم أجد من ذكره وبقية رجاله معروفون .
( 11 ) ص 257 .
( 12 ) ص 259 .
( 13 ) كذا في " الجوهر " - عن أمه - قال : ولم نعرف حالها ولا اسمها بعد الكشف التام اه . وأخرج الطحاوي في ص 61 من حديث حاتم أيضا : وفيه " عن أمه " . والدارقطني من طريق محمد بن فضيل عن محمد بن أبي يحيى بسنده وفيه " عن أبيه " . وكتب على هامشه وفيه " عن أمه " وفي " البيهقي " عن أبيه فقط .
( 14 ) قال الطحاوي في " شرح الآثار " ص 2 : فقال قوم : كانت طريقا للماء إلى البساتين فكان الماء لا يستقر فيها فكان حكم مائها كحكم ماء الأنهار الخ . ورد البيهقي على هذا بناءا على فهمه أنه كان سيحا جاريا ويأباه كلام الطحاوي : " فكان حكمها كحكم الماء الجاري " إذ لو أراد سيحا أو قناة لكان ماؤها جاريا حقيقيا لا حكما وكان قوله : إلى البساتين طردا بلا فائدة بل الظاهر أنه أراد ما نقل ابن الهمام في " الفتح " ص 68 - ج 1 عن محمد أنه قال : اجتمع رأيي ورأي أبي يوسف على أن ماء البئر في حكم الماء الجاري لأنه ينبع من أسفله ويؤخذ من أعلاه فلا يتنجس كحوض الحمام اه . وكذا في " القنية . وشرح النقاية للقارى " فقوله : فكانت طريقا للماء أن الماء كان ينقل فيها - بالسائبة - إلى البساتين هذا هو المراد بقول الاسماعيلي كما في " وفاء الوفا " ص 131 - ج 1 ، وفي هذا بيان أن بئر بضاعة بئر بستان اه