- الحديث الثامن عشر : روي أن النبي صلى الله عليه وسلّم .
- استعان باليهود على اليهود ولم يعطهم من الغنيمة شيئا - يعني لم يسهم لهم - .
قلت : روى البيهقي في " كتاب المعرفة " أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد قالا : ثنا أبو العباس أنا الربيع قال : قال الشافعي فيما حكى عن أبي يوسف : قال : أخبرنا الحسن بن عمارة عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس قال : استعان رسول صلى الله عليه وسلّم بيهود قينقاع فرضخ لهم ولم يسهم لهم انتهى . قال البيهقي : تفرد به الحسن بن عمارة وهو متروك انتهى . وقال الواقدي في " المغازي - في غزوة خيبر " : حدثني ابن أبي سبرة عن فطر الحارثي عن حرام بن سعيد بن محيصة قال : وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلّم بعشرة من يهود المدينة غزا بهم أهل خيبر فأسهم لهم كسهمان المسلمين ويقال : أحذاهم ولم يسهم لهم انتهى .
[ أحاديث مختلفة ] : .
- حديث مخالف لما تقدم : روى الترمذي في " جامعه " ( 1 ) حدثنا قتيبة بن سعيد ثنا عبد الوارث ابن سعيد ثنا عزرة بن ثابت عن الزهري قال : أسهم النبي صلى الله عليه وسلّم لقوم من اليهود قاتلوا معه انتهى . ورواه أبو داود في " مراسيله " حدثنا هناد والقعنبي ثنا ابن المبارك عن حيوة بن شريج عن الزهري فذكره وقال في آخره : زاد هناد : مثل سهمان المسلمين انتهى . وكذلك رواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا وكيع ثنا سفيان عن ابن جريج عن الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يغزو باليهود فيسهم لهم كسهام المسلمين انتهى . قال البيهقي : إسناده ضعيف ومنقطع انتهى . وقال صاحب " التنقيح " : مراسيل الزهري ضعيفة كان يحيى القطان لا يرى إرسال الزهري وقتادة شيئا ويقول : هي بمنزلة الريح انتهى . ورواية سهام المسلمين يدفع قول المصنف وهو محمول على الرضخ إلا أنها ضعيفة .
- أحاديث معارضة لما تقدم : أخرجه الجماعة ( 2 ) - إلا البخاري - عن عروة عن عائشة أنه عليه السلام خرج إلى بدر حتى إذا كان بحرة الوبر ( 3 ) لحقه رجل من المشركين يذكر منه جرأة ونجدة فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلّم : جئت لأتبعك وأصيب معك فقال له عليه السلام : تؤمن بالله ورسوله ؟ قال : لا قال : ارجع فلن أستعين بمشرك قالت : ثم مضى حتى إذا كنا بالشجرة أدركه الرجل فقال له كما قال أول مرة فقال له عليه السلام كما قال أول مرة قالت : ثم رجع فأدركه بالبيداء فقال له كما قال أول مرة فقال له عليه السلام : تؤمن بالله ورسوله ؟ قال : نعم فقال له : فانطلق انتهى .
- حديث آخر : روى الحاكم في " المستدرك ( 4 ) من حديث يزيد بن هارون أنبأ مستلم ابن سعيد الواسطي عن خبيب بن عبد الرحمن بن خبيب عن أبيه عن جده خبيب بن يساف قال : أتيت أنا ورجل من قومي رسول الله صلى الله عليه وسلّم وهو يريد غزوا فقلت : يا رسول الله إنا نستحي أن يشهد قومنا مشهدا لا نشهده معهم فقال : أسلما فقلنا : لا قال : قال : فإنا لا نستعين بالمشركين قال : فأسلمنا وشهدنا معه قال : فقتلت رجلا وضربني ضربة وتزوجت ابنته بعد ذلك فكانت تقول : لا عدمت رجلا وشحك هذا الوشاح فأقول : لا عدمت رجلا عجل أباك إلى النار انتهى . قال الحاكم : حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وخبيب صحابي معروف انتهى . ورواه أحمد وابن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه في " مسانيدهم " والطبري في " معجمه " من طريق بن أبي شيبة قال في " التنقيح " : ومستلم ثقة وخبيب بن عبد الرحمن أحد الثقات الأثبات والله أعلم .
- حديث آخر : روى إسحاق بن راهويه في " مسنده " أخبرنا الفضل بن موسى عن محمد ابن عمرو بن علقمة عن سعيد بن المنذر عن أبي حميد الساعدي قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلّم يوم أحد حتى إذا خلف ثنية الوداع نظر وراءه فإذا كتيبة حسناء فقال : من هؤلاء ؟ قالوا : هذا عبد الله بن أبي بن سلول في مواليه من اليهود : وهم رهط عبد الله بن سلام فقال : هل أسلموا ؟ قالوا : لا إنهم على دينهم قال : قولوا لهم : فليرجعوا فإنا لا نستعين بالمشركين على المشركين انتهى . ورواه الواقدي في " كتاب المغازي " ولفظه : فقال : من هؤلاء ؟ قالوا " يا رسول الله هؤلاء حلفاء ابن أبي من يهود فقال عليه السلام : لا نستنصر بأهل الشرك على أهل الشرك انتهى . قال الحازمي في " كتاب الناسخ والمنسوخ " : وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة فذهب جماعة إلى منع الاستعانة بالمشركين ومنهم أحمد مطلقا وتمسكوا بحديث عائشة المتقدم وقالوا : إن ما يعارضه لا يوازيه في الصحة فتعذر ادعاء النسخ وذهبت طائفة إلى أن للإمام أن يأذن للمشركين أن يغزوا معه ويستعين بهم بشرطين : أحدهما : أن يكون في المسلمين قلة بحيث تدعو الحاجة إلى ذلك والثاني : أن يكونوا ممن يوثق بهم في أمر المسلمين ثم أسند إلى الشافعي أنه قال : الذي روى مالك أن النبي صلى الله عليه وسلّم رد مشركا أو مشركين وأبى أن نستعين بمشرك كان في غزوة بدر ثم إنه عليه السلام استعان في غزوة خيبر بعد بدر بسنتين بيهود من بني قينقاع واستعان في غزوة حنين سنة ثمان بصفوان بن أمية وهو مشرك فالرد الذي في حديث مالك إن كان لأجل أنه مخير في ذلك بين أن يستعين به وبين أن يرده كما له رد المسلم لمعنى يخافه فليس واحد من الحديثين مخالفا للآخر وإن كان لأجل أنه مشرك فقد نسخه ما بعده من استعانته بالمشركين ولا بأس أن يستعان بالمشركين على قتال المشركين إذا خرجوا طوعا ويرضخ لهم ولا يسهم لهم ولا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه أسهم لهم قال الشافعي : ولعله عليه السلام إنما رد المشرك الذي رده في غزوة بدر رجاء إسلامه قال : وذلك واسع للإمام أن يرد المشرك ويأذن له انتهى . وكلام الشافعي كله نقله البيهقي عنه .
قوله : روي أن الخلفاء الأربعة الراشدين قسموا الخمس على ثلاثة أسهم سهم لليتامى وسهم للمساكين وسهم لابن السبيل قلت : روى أبو يوسف عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أن الخمس الذي كان يقسم على عهده عليه السلام على خمسة أسهم : لله والرسول سهم ولذي القربى واليتامى سهم وللمساكين سهم ولابن السبيل سهم ثم قسم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي على ثلاثة أسهم : سهم لليتامى وسهم للمساكين وسهم لابن السبيل انتهى . وتقدم في " فصل كيفية القسمة " عن قتادة أن الخمس كان يقسم على خمسة أخماس وعن ابن عباس أنه كان يقسم على أربعة .
_________ .
( 1 ) عند الترمذي في " السير - باب ما جاء في أهل الذمة يغزون مع المسلمين هل يسهم لهم " ص 202 - ج 1 .
( 2 ) عند الترمذي في " السير " ص 201 - ج 1 ، وعند أبي داود في " المغازي - باب في المشرك يسهم له " ص 19 - ج 2 ، وعند مسلم في " الجهاد " ص 118 - ج 2 ، وعند ابن ماجه في " الجهاد - باب الاستعانة بالمشركين ص 208 .
( 3 ) في - نسخة [ س ] - " بحرة الوبرة " كما في مسلم : ص 118 - ج 2 .
( 4 ) في " المستدرك - في الجهاد " ص 122 - ج 2 ، وفيه مستلم بن سعيد الثقفي وقال الحاكم : وخبيب بن عبد الرحمن بن الأسود بن حارثة جده صحابي معروف انتهى . وفي " التهذيب " ص 136 - ج 3 خبيب بن عبد الرحمن ابن خبيب بن يساف الأنصاري الخزرجي ذكره ابن حبان في " الثقات " انتهى