37824 - عن أسير بن جابر قال : كان محدث بالكوفة يحدثنا فإذا فرغ من حديثه تفرقوا ويبقى رهط فيهم رجل يتكلم بكلام لا أسمع أحدا يتكلم كلامه فأحببته ففقدته فقلت لأصحابي : هل تعرفون رجلا كان يجالسنا كذا وكذا ؟ فقال رجل من القوم : نعم أنا أعرفه ذاك أويس القرني قلت : فتعلم منزله ؟ قال : نعم فانطلقت معه حتى ضربت حجرته فخرج إلي قلت : يا أخي ؟ ما حبسك عنا ؟ قال : العري وكان أصحابي يسخرون به ويؤذونه قلت : خذ هذا البرد فالبسه قال : لا تفعل فإنهم إذا يؤذونني إن رأوه علي فلم أزل به حتى لبسه فخرج عليهم فقالوا : من ترون خدع عن برده هذا ؟ فجاء فوضعه وقال : ألا ترى فأتيت المجلس فقلت : ما تريدون من هذا الرجل ؟ قد آذيتموه الرجل يعرى مرة ويكتسى مرة فأخذتهم بلساني أخذا شديدا فقضي أن أهل الكوفة وفدوا إلى عمر فوفد رجل ممن كان يسخر به فقال عمر : هل ههنا أحد من القرنيين ؟ فجاء ذلك الرجل فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قد قال : إن رجلا يأتيكم من اليمن يقال له أويس لا يدع باليمن غير أم له وقد كان به بياض فدعا الله فأذهبه عنه إلا مثل موضع الدرهم فمن لقيه منكم فمروه فليستغفر لكم . قال : فقدم علينا قلت : من أين ؟ قال : من اليمن قلت : ما اسمك ؟ قال : أويس قلت : فمن تركت باليمن ؟ قال : أما لي قلت : أكان بك بياض فدعوت الله فأذهبه عنك ؟ قال : نعم قلت : استغفر لي قال : أو يستغفر مثلي لمثلك يا أمير المؤمنين قال : فاستغفر له قلت له : أنت أخي لا تفارقني فاملس ( فاملس : تملس من الأمر : تخلص وأفلت . المعجم الوسيط 2 / 814 . ب ) مني فأنبئت أنه قدم عليكم الكوفة قال : فجعل ذلك الرجل الذي كان يسخر به ويحقره يقول : ما هذا فينا وما نعرفه فقال عمر : بلى إنه رجل كذا - كأنه يضع من شأنه . قال : فينا يا أمير المؤمنين رجل يقال له ( أويس ) نسخر به قال : أدرك ولا أراك تدرك فأقبل ذلك الرجل حتى دخل عليه قبل أن يأتي أهله فقال له أويس ما هذه بعادتك فما بدا لك ؟ قال : سمعت عمر يقول فيك كذا وكذا فاستغفر لي يا أويس قال : لا أفعل حتى تجعل لي عليك أن لا تسخر بي فيما بعد ولا تذكر الذي سمعته من عمر إلى أحد فاستغفر له قال أسير : فما لبثت أن فشا أمره في الكوفة فأتيته فدخلت عليه فقلت له : يا أخي ألا أراك العجب ونحن لا نشعر ؟ قال : ما كان في هذا ما أتبلغ به في الناس وما يجزى كل عبد إلا بعمله ثم املس منهم فذهب .
( ابن سعد حل ق في الدلائل كر )