30266 - { مسند الصديق } الواقدي حدثني عبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن بن أزهر بن عوف عن الزهري عن عروة عن أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلّم أمره أن يغير على أهل أبني صباحا وأن يحرق قالوا ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم لأسامة : امض على اسم الله فخرج بلوائه معقودا فدفعه إلى بريدة بن الحصيب الأسلمي فخرج به إلى أسامة وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلّم أسامة فعسكر بالجرف وضرب عسكره في موضع سقاية سليمان اليوم وجعل الناس يأخذون بالخروج إلى العسكر فيخرج من فرغ من حاجته إلى معسكره ومن لم يقض حاجته فهو على فراغ ولم يبق أحد من المهاجرين الأولين إلا انتدب في تلك الغزوة : عمر بن الخطاب وأبو عبيدة وسعد بن أبي وقاص وأبو الأعور سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل في رجال من المهاجرين والأنصار وكان أشدهم في ذلك عدة قتادة بن النعمان وسلمة بن أسلم بن حريش فقال رجال من المهاجرين وكان أشدهم في ذلك قولا عياش بن أبي ربيعة : يستعمل هذا الغلام على المهاجرين الأولين فكثرت القالة في ذلك فسمع عمر بن الخطاب بعض ذلك القول فرده على من تكلم به وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم فأخبره بقول من قال فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلّم غضبا شديدا فخرج وقد عصب على رأسه بعصابة وعليه قطيفة ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أما بعد أيها الناس فما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة فوالله لئن طعنتم في إمارتي أسامة لقد طعنتم في إمارتي أباه من قبله وايم الله إن كان للإمارة لخليق وإن ابنه من بعده لخليق للإمارة وإن كان لمن أحب الناس إلي وإن هذا لمن أحب الناس إلي وإنهما لمخيلان ( لمخيلان : من خلت إخال إذا ظننت . النهاية 2 / 93 . ب ) لكل خير فاستوصوا به خيرا فإنه من خياركم .
ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلّم فدخل بيته وذلك يوم السبت لعشر ليال خلون من ربيع الأول وجاء المسلمون الذين يخرجون مع أسامة يودعون رسول الله صلى الله عليه وسلّم وفيهم عمر بن الخطاب ورسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول : أنفذوا بعث أسامة ودخلت أم أيمن فقالت : أي رسول الله لو تركت أسامة يقيم في معسكره حتى تتماثل فإن أسامة إن خرج على حاله هذه لم ينتفع بنفسه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنفذوا بعث أسامة فمضى الناس إلى العسكر فباتوا ليلة الأحد ونزل أسامة يوم الأحد ورسول الله صلى الله عليه وسلّم ثقيل مغمور وهو اليوم الذي لدوه ( لدوه : عن أم سلمة قالت : بدئ رسول الله صلى الله عليه وسلّم وجعه في بيت ميمونة فكان إذا خف عنه ما يجد خرج فصلى بالناس فإذا وجد ثقلة قال : مروا الناس فليصلوا فتخوفنا عليه ذات الجنب وثقل فلدناه فوجد النبي صلى الله عليه وسلّم خشونة اللد فأفاق فقال ما صنعتم بي ؟ قالوا : لددناك قال : بماذا ؟ قلنا بالعود الهندي وشيء من ورس وقطرات زيت فقال : من أمركم بهذا ؟ قالوا : أسماء بنت عميس قال : هذا طب أصابته بأرض الحبشة لا يبقى أحد في البيت إلا التد إلا ما كان من عم رسول الله يعني العباس ثم قال : ما الذي كنتم تخافون علي ؟ قالوا : ذات الجنب قال : ما كان الله ليسلطها علي . الطبقات لابن سعد 2 / 235 و 236 . ب ) فيه فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلّم وعيناه تهملان وعنده العباس والنساء حوله فطأطأ عليه أسامة فقبله ورسول الله صلى الله عليه وسلّم لا يتكلم فجعل يرفع يديه إلى السماء ثم يصبهما على أسامة فأعرف أنه كان يدعو لي .
قال أسامة : فرجعت إلى معسكري فلما أصبح يوم الاثنين غدا من معسكره وأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلّم مفيقا فجاءه أسامة فقال اغد على بركة الله فودعه أسامة ورسول الله صلى الله عليه وسلّم مفيق مريح وجعلت نساءه يتماشطن سرورا براحته ودخل أبو بكر الصديق فقال : يا رسول الله أصبحت مفيقا بحمد الله واليوم يوم ابنة خارجة فأذن لي فأذن له فذهب إلى السنح وركب أسامة إلى معسكره وصاح في أصحابه باللحوق إلى العسكر فانتهى إلى معسكره ونزل وأمر الناس بالرحيل وقد منع النهار فبينا أسامة بن زيد يريد أن يركب من الجرف ( الجرف : اسم موضع قريب من المدينة وأصله ما تجرفه السيول من الأودية . النهاية 1 / 262 . ب ) أتاه رسول أم أيمن وهي أمه تخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم يموت فأقبل أسامة إلى المدينة ومعه عمر وأبو عبيدة بن الجراح فانتهوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم وهو يموت فتوفي صلى الله عليه وسلّم حين زاغت الشمس يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول ودخل المسلمون الذين عسكروا بالجرف إلى المدينة ودخل بريدة بن الحصيب بلواء أسامة معقودا حتى أتى به باب رسول الله صلى الله عليه وسلّم فغرزه عنده فلما بويع لأبي بكر أمر بريدة أن يذهب باللواء إلى بيت أسامة ولا يحله حتى يغزوهم أسامة .
فقال بريدة : فخرجت باللواء حتى انتهيت به إلى بيت أسامة ثم خرجت به إلى الشام معقودا مع أسامة ثم رجعت به إلى بيت أسامة فما زال معقودا في بيت أسامة حتى توفي أسامة فلما بلغ العرب وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلّم وارتد من ارتد منها عن الإسلام قال أبو بكر لأسامة أنفذ في وجهك الذي وجهك فيه رسول الله صلى الله عليه وسلّم وأخذ الناس بالخروج وعسكروا في موضعهم الأول وخرج بريدة باللواء حتى انتهى إلى معسكرهم الأول فشق على كبار المهاجرين الأولين ودخل على أبي بكر عمر وعثمان وأبو عبيدة وسعد ابن أبي وقاص وسعيد بن زيد فقالوا : يا خليفة رسول الله إن العرب قد انتقضت عليك من كل جانب وإنك لا تصنع بتفريق هذا الجيش المنتشر شيئا اجعلهم عدة لأهل الردة ترمي بهم في نحورهم وأخرى لا تأمن على أهل المدينة أن يغار عليها وفي الذراري والنساء فلو استأنيت بغزو الروم حتى يضرب الإسلام بجرانه ( بجرانه : الجران : باطن العنق . النهاية 1 / 363 . ب ) ويعود أهل الردة إلى ما خرجوا منه أو يفنيهم السيف ثم تبعث أسامة حينئذ فنحن نأمن الروم أن تزحف إلينا ؟ فلما استوعب أبو بكر كلامهم قال : هل منكم أحد يريد أن يقول شيئا ؟ قالوا : لا قد سمعت مقالتنا فقال : والذي نفسي بيده لو ظننت أن السباع تأكلني بالمدينة لأنفذت هذا البعث ولا بدأت بأول منه كيف ورسول الله صلى الله عليه وسلّم ينزل عليه الوحي من السماء يقول : أنفذوا جيش أسامة ولكن خصلة أكلم بها أسامة أكلمه في عمر يخلفه يقيم عندنا فإنه لا غنى بنا عنه والله ما أدري يفعل أسامة أم لا والله إن أبى لا أكرهه .
فعرف القوم أن أبا بكر قد عزم على إنفاذ بعث أسامة ومشى أبو بكر إلى أسامة في بيته فكلمه في أن يترك عمر ففعل أسامة وجعل يقول له : اذنت ونفسك طيبة ؟ فقال أسامة : نعم قال : وخرج فأمر مناديه ينادي : عزمة مني أن لا يتخلف عن أسامة من بعثه من كان انتدب معه في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلّم فإني لن أوتى بأحد أبطأ عن الخروج معه إلا ألحقته به ماشيا وأرسل إلى النفر من المهاجرين الذين كانوا تكلموا في إمارة فغلظ عليهم وأخذهم بالخروج فلم يتخلف عن البعث إنسان واحد وخرج أبو بكر يشيع أسامة والمسلمين فلما ركب أسامة من الجرف في أصحابه وهم ثلاثة آلاف رجل وفيهم ألف فرس فسار أبو بكر إلى جنب أسامة ساعة ثمن قال : استودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك إني سمعت رسول الله يوصيك فأنفذ لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلّم فإني لست آمرك ولا أنهاك عنه إنما منفذ لأمر أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلّم فخرج سريعا فوطئ بلادا هادئة لم يرجعوا عن الإسلام مثل جهينة وغيرها من قضاعة فلما نزل وادي القرى قدم عينا له من بني عذرة يدعى حريثا فخرج على صدر راحلته أمامه منفذا حتى انتهى إلى أبنى فنظر إلى ما هناك وارتاد الطريق ثم رجع سريعا حتى لقي أسامة على مسيرة ليلتين من أبنى فأخبره أن الناس غارون ( غارون : الغرة : الغفلة ومنه الحديث ( أنه أغار على بني المصطلق وهم غارون ) أي : غافلون . النهاية 3 / 355 . ب ) ولا جموع لهم وأمره أن يسرع السير قبل أن تجتمع الجموع وأن يشنها غارة .
( كر ) ( راجع الطبقات الكبرى لابن سعد ( 2 / 189 ، 191 ) . ص )