30154 - حدثنا خالد بن مخلد حدثنا عبد الرحمن بن عبد العزيز الأنصاري حدثني ابن شهاب حدثني عروة بن الزبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم خرج عام الحديبية في ألف وثمان مائة وبعث بين يديه عينا له من خزاعة يدعى ناجية يأتيه بخبر القوم حتى نزل رسول الله صلى الله عليه وسلّم غديرا بعسفان عينه بغدير الأشطاط فقال : يا محمد تركت قومك كعب بن لؤي وعامر بن لؤي قد استنفروا لك الأحابيش من أطاعهم قد سمعوا بمسيرك وتركت غدواتهم يطعمون الخزير في دورهم وهذا خالد بن الوليد في خيل بعثوه فقام رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال : ماذا تقولون ماذا تأمرون ؟ أشيروا علي قد جاءكم خبر من قريش مرتين وماصنعت فهذا خالد بن الوليد بالغميم قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلّم : أترون أن نمضي لوجهنا ومن صدنا عن البيت قاتلناه أم ترون أن نخالف هؤلاء إلى من تركوا وراءهم فإن اتبعنا منهم عنق قطعه الله تعالى ؟ قالوا : يا رسول الله الأمر أمرك والرأي رأيك فتيامنوا في هذا الفعل فلم يشعر به خالد ولا الخيل التي معه حتى جاوز بهم قترة ( قترة : القتر : جمع قترة وهي الغبار ومنه قوله تعالى : ( ترهقها قترة ) . المختار 410 . ب ) الجيش وأوفت به ناقته على ثنية تهبط على غائط القوم يقال لها : بلدح فبركت فقال : حل حل فلم تنبعث فقالوا : خلات القصواء قال : إنها والله ما خلأت ولا هو لها بخلق ولكن حبسها حابس الفيل أما والله لا يدعوني اليوم إلى خطة يعظمون فيها حرمة ولا يدعون فيها إلى صلة إلا أجبتهم إليها ثم زجرها فوثبت فرجع من حيث جاء عوده على بدئه حتى نزل بالناس على ثمد ( ثمد : الثمد بالتحريك : الماء القليل . النهاية 221 . ب ) من ثماد الحديبية ظنون قليل الماء يتبرض ( يتبرض : برض الماء خرج وهو قليل كابترض وما تبرضت من الماء القليل وتبرض تبلغ بالقليل والشيء أخذه قليلا قليلا وفلانا أصاب منه الشيء قبل الشيء وتبلغ . القاموس 2 / 324 . ب ) الناس ماءها تبرضا فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم قلة الماء فانتزع سهما من كنانته فأمر رجل فغرزه في جوف القليب فجاش بالماء حتى ضرب الناس عنه بعطن .
فبينما هو على ذلك إذ مر به بديل بن ورقاء الخزاعي في ركب من قومه من خزاعة فقال : يا محمد هؤلاء قومك قد خرجوا بالعوذ المطافيل يقسمون بالله ليحولن بينك وبين مكة حتى لا يبقى منهم أحد قال : يا بديل إني لم آت لقتال أحد إنما جئت لأقضي نسكي وأطوف بهذا البيت وإلا فهل لقريش في غير ذلك هل لهم إلى أن أمادهم مدة يأمنون فيها ويستجمون ويخلون فيها بيني وبين الناس فإن ظهر فيها أمري على الناس كانوا فيها بالخيار أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس وبين أن يقاتلوا وقد جمعوا وأعدوا قال بديل : سأعرض هذا على قومك فركب بديل حتى مر بقريش فقالوا : من أين ؟ قال : جئتكم من عند رسول الله صلى الله عليه وسلّم فإن شئتم أخبرتكم بما سمعت منه فعلت ؟ فقال ناس من سفهائهم : لا تخبرنا عنه شيئا وقال ناس من ذوي أسنانهم وحكمائهم : بل أخبرنا ما الذي رأيت وما الذي سمعت ؟ فاقتص عليهم بديل قصة رسول الله صلى الله عليه وسلّم وما عرض عليهم من المدة قال : وفي كفار قريش يومئذ عروة بن مسعود الثقفي فوثب فقال : يا معشر قريش هل تتهموني في شيء ألست بالولد ولستم بالوالد ؟ وألست قد استنفرت لكم أهل عكاظ ؟ فلما بلحوا ( بلحوا : ومنه الحديث ( استنفرتم فبلحوا علي ) أي : أبوا كأنهم قد أعيو عن الخروج معه وإعانته . النهاية 1 / 151 . ب ) علي نفرت إليكم بنفسي وولدي ومن أطاعني ؟ قالوا : بلى قد فعلت قال : فاقبلوا من بديل ما جاءكم به وما عرض عليكم رسول الله صلى الله عليه وسلّم وابعثوني حتى آتيكم بمصافيها من عنده قالوا : فاذهب فخرج عروة حتى نزل برسول الله صلى الله عليه وسلّم بالحديبية فقال : يا محمد هؤلاء قومك كعب بن لؤي وعامر بن لؤي قد خرجوا بالعوذ المطافيل يقسمون لا يخلون بينك وبين مكة حتى تبيد خضراؤهم وإنما أنت بين قتالهم من أحد أمرين : أن تحتاج قومك فلم تسمع برجل قط اجتاح أصله قبلك وبين أن يسلمك من أرى معك فإني لا أرى معك إلا أوباشا من الناس لا أعرف أسماءهم ولا وجوههم فقال أبو بكر وغضب : امصص بظر ( بظر اللات : البظر بفتح الباء : الهنة التي تقطعها الخافضة من فرج المرأة عند الختان . النهاية 1 / 138 . ب ) اللات أنحن نخذله أو نسلمه .
فقال عروة : أما والله إن لولا يد لك عندي لم أجزك بها لأجبتك فيما قلت وكان عروة قد حمل بدية فأعانه أبو بكر فيها بعون حسن والمغيرة بن شعبة قائم على رسول الله صلى الله عليه وسلّم وعلى وجهه المغفر فلم يعرفه عروة وكان عروة يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلّم كلما مد يده فمس لحية رسول الله صلى الله عليه وسلّم يدعها المغيرة بقدح كان في يده حتى إذا أخرجه قال : من هذا ؟ قالوا : المغيرة بن شعبة قال عروة : أنت بذاك يا غدر وهل غسلت عنك غدرتك إلا أمس بعكاظ .
فقال النبي صلى الله عليه وسلّم لعروة بن مسعود مثل ما قال لبديل فقام عروة فخرج حتى جاء إلى قومه فقال : يا معشر قريش إني قد وفدت على الملوك على قيصر في ملكه بالشام وعلى النجاشي بأرض الحبشة وعلى كسرى بالعراق وإني والله ما رأيت ملكا هو أعظم ممن هو بين ظهريه من محمد في أصحابه والله ما يشدون إليه النظر وما يرفعون عنده الصوت وما يتوضأ بوضوء إلا ازدحموا عليه أيهم يظفر منه بشيء فاقبلوا الذي جاءكم به بديل فإنها خطة ( خطة رشد : أي : أمرا واضحا في الهدى والاستقامة . النهاية 2 / 48 ب ) رشد قالوا : اجلس ودعوا رجلا من بني الحارث بن مناف يقال له : الحليس قالوا انطلق فانظر ما قبل هذا الرجل وما يلقاك به فخرج الحليس فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلّم مقبلا عرفه وقال : هذا الحليس وهو من قوم يعظمون الهدي فابعثوا الهدي في وجهه فبعثوا الهدي في وجهه قال ابن شهاب : فاختلف الحديث في الحليس فمنهم من قال : جاءه فقال له مثل ما قال لبديل وعروة ومنهم من قال : لما رأى الهدي رجع إلى قريش فقال : لقد رأيت أمرا لئن صددتموه إني لخائف عليكم أن يصيبكم غب ( غب : في الحديث ( زر غبا تزدد حبا ) الغب من أوراد الإبل : أن ترد الماء يوما وتدعه يوما ثم تعود فنقله إلى الزيارة وإن جاء بعد أيام يقال : غب الرجل إذا جاء زائرا بعد أيام . النهاية 3 / 336 . ب ) فأبصروا بصركم قالوا : اجلس ودعوا رجلا يقال له مكرز بن حفص بن الأحنف من بني عامر بن لؤي فبعثوه فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلّم قال : هذا رجل فاجر ينظر بعين فقال له مثل ما قال لبديل وأصحابه في المدة فجاءهم فأخبرهم فبعثوا سهيل بن عمرو من بني عامر بن لؤي يكاتب رسول الله صلى الله عليه وسلّم على الذي دعا إليه فجاء سهيل بن عمرو .
فقال : قد بعثتني قريش إليك أكاتبك على قضية نرتضي أنا وأنت فقال النبي صلى الله عليه وسلّم : نعم اكتب بسم الله الرحمن الرحيم قال : ما أعرف الله وما أعرف الرحمن ولكن اكتب كما كنا نكتب باسمك اللهم فوجد الناس من ذلك وقالوا : لا نكاتبك على خطة حتى يقر بالرحمن الرحيم قال سهيل : إذا لا أكاتب على خطة حتى أرجع قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : اكتب باسمك اللهم هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله قال : لا لا أقر لو أعلم أنك رسول الله ما خالفتك ولا عصيتك ولكن محمد بن عبد الله فوجد الناس منها أيضا قال : اكتب محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو فقام عمر بن الخطاب فقال : يا رسول الله ألسنا على الحق أو ليس عدونا على الباطل ؟ قال : بلى قال : فعلام نعطي الدنية في ديننا ؟ قال : إني رسول الله ولن أعصيه ولن يضيعني وأبو بكر متنح بناحية فأتاه عمر فقال : يا أبا بكر فقال : نعم قال : ألسنا على الحق أو ليس عدونا على الباطل ؟ قال بلى قال : فعلام نعطي الدنية في ديننا ؟ قال : دع عنك ما ترى يا عمر فإنه رسول الله ولن يضيعه الله ولن يعصيه وكان في شرط الكتاب : أنه من كان منا فأتاك فكان على دينك رددته إلينا ومن جاءنا من قبلك رددناه إليك قال : أما من جاء من قبلي فلا حاجة لي برده وأما التي اشترطت لنفسك فتلك بيني وبينك فبينما الناس على ذلك الحال إذ طلع عليهم أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في الحديد قد خلا له أسفل مكة متوشح السيف فرفع سهيل رأسه فإذا هو بابنه أبي جندل فقال : هذا أول من قاضيتك عليه رده فقال النبي صلى الله عليه وسلّم : يا سهيل إنا لم نقض الكتاب بعد قال : وما أكاتبك على خطة حتى ترده قال : فشأنك به فبهش ( فبهش : ومنه حديث ابن عباس Bهما ( أن رجلا سأله عن حية قتلها فقال : ( هل بهشت إليك ) أي : أسرعت نحوك تريدك . النهاية 1 / 166 . ب ) أبو جندل إلى الناس .
فقال : يا معشر المسلمين أرد إلى المشركين يفتنوني في ديني فلصق به عمر وأبوه آخذ بيده يجتره وعمر يقول : إنما هو رجل ومعك السيف فانطلق به أبوه فكان النبي صلى الله عليه وسلّم يرد عليهم من جاء من قبلهم يدخل في دينه فلما اجتمع نفر فيهم أبو بصير ردهم إليهم أقاموا بساحل البحر فكأنهم قطعوا على قريش متجرهم إلى الشام فبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم : إنا نراها منك صلة أن تردهم إليك وتجمعهم فردهم إليه فكان فيما أرادهم النبي صلى الله عليه وسلّم في الكتاب أن يدعوه يدخل مكة فيقضي نسكه وينحر هديه بين ظهريهم فقالوا : لا تتحدث العرب أنك أخذتنا ضغطة أبدا ولكن ارجع عامك هذا فإذا كان قابل أذنا لك فاعتمرت وأقمت ثلاثا وقام رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال للناس : قوموا فانحروا هديكم واحلقوا وأحلوا فما قام رجل ولا تحرك فأمر النبي صلى الله عليه وسلّم الناس بذلك ثلاث مرات فما تحرك أحد منهم ولا قام من مجلسه فما رأى النبي صلى الله عليه وسلّم ذلك دخل على أم سلمة وكان خرج بها في تلك الغزوة فقال : يا أم سلمة ما بال الناس أمرتهم ثلاث مرار أن ينحروا وأن يحلقوا وأن يحلوا فما قام رجل إلى ما أمرته به فقالت يا رسول الله : اخرج أنت فاصنع ذلك فقام رسول الله صلى الله عليه وسلّم حتى يمم هديه فنحره ودعا حلاقه فحلقه فلما رأى الناس ما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلّم وثبوا إلى هديهم فنحروه وأكب بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم أن يغم بعضا من الزحام قال ابن شهاب : وكان الهدي الذي ساق رسول الله صلى الله عليه وسلّم وأصحابه سبعين بدنة قال ابن شهاب : فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلّم خيبر على أهل الحديبية على ثمانية عشر سهما لكل مائة رجل سهم .
( ش )