30153 - { أيضا } حدثنا أبو أسامة حدثنا هشام عن أبيه قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلى الحديبية وكانت الحديبية في شوال فخرج حتى إذا كان بعسفان لقيه رجل من بني كعب فقال : يا رسول الله إنا تركنا قريشا وقد جمعت أحابيشها ( أحابيشها : هم أحياء من القارة انضموا إلى بني ليث في محاربتهم قريشا . والتحبش : التجمع . النهاية 1 / 330 . ب ) تطعمها الخزير ( الخزير : في حديث عثمان ( أنه حبس رسول الله صلى الله عليه وسلّم على خزيرة تصنع له ) الخزيرة : لحم يقطع صغارا ويصب عليه ماء كثير فإذا نضج ذر عليه الدقيق فإن لم يكن فيها لحم فهي عصيدة . النهاية 2 / 28 . ب ) يريدون أن يصدوك عن البيت فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلّم حتى إذا تبرز عسفان لقيهم خالد بن الوليد طليعة لقريش فاستقبلهم على الطريق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : هلم ههنا فأخذ بين سروعتين - يعني شجرتين - ومال عن سنن الطريق حتى نزل الغميم فلما نزل الغميم خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال : أما بعد فإن قريشا قد جمعت لكم أحابيشها تطعمها الخزير يريدون أن يصدونا عن البيت فأشيروا علي بما ترون أن تعمدوا إلى الرأس - يعني أهل مكة - أم ترون أن تعمدوا إلى الذين أعانوهم فتخالفوهم إلى نسائهم وصبيانهم فإن جلسوا جلسوا موتورين مهزومين فإن طلبوا طلبونا طلبا متداريا ضعيفا فأخزاهم الله ؟ .
فقال أبو بكر : يا رسول الله إن تعمد إلى الرأس فإن الله معينك وإن الله ناصرك وإن الله مظهرك قال المقداد بن الأسود وهو في رحله : إنا والله يا رسول الله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لنبيها : اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم مقاتلون فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلّم حتى إذا غشي الحرم ودخل أنصابه بركت ناقته الجدعاء فقالوا : خلأت ( خلأت : في حديث الحديبية ( أنه بركت به راحلته فقالوا : خلأت القصواء فقال : ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق ولكن حبسها حابس الفيل ) . الخلاء للنوق كالإلحاح للجمال والحران للدواب . يقال : خلأت الناقة وألح الجمل وحرن الفرس . النهاية 2 / 58 . ب ) فقال : والله ما خلأت وما الخلأ بعادتها ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة لا تدعوني قريش إلى تعظيم المحارم فيسبقوني إليها هلم ههنا لأصحابه فأخذ ذات اليمين في ثنية تدعى ذات الحنظل حتى هبط على الحديبية فلما نزل استسقى الناس من البئر فنزفت ولم تقم بهم فشكوا ذلك إليه فأعطاهم سهما من كنانته فقال اغرزوه في البئر فغرزوه في البئر فجاشت ( فجاشت : في حديث الحديبية ) ( فما زال يجيش لهم بالري ) أي : يفور ماؤه ويرتفع . النهاية 1 / 324 . ب ) وطما ( وطما : في حديث طهفة ( ما طما البحر وقام تعار ) أي : ارتفع بأمواجه . وتعار : اسم جبل . النهاية 3 / 139 . ب ) ماؤها حتى ضرب الناس بعطن ( بعطن : العطن : مبرك الإبل حول الماء . يقال : عطنت الإبل فهي عاطنة وعواطن : إذا سيقت وبركت عند الحياض لتعاد إلى الشرب مرة أخرى . النهاية 3 / 258 . ب ) فلما سمعت به قريش أرسلوا إليه أخا بني حليس وهم من قوم يعظمون الهدي فقال : ابعثوا الهدي فلما رأى الهدي لم يكلمهم كلمة وانصرف من مكانه إلى قريش فقال : يا قوم القلائد والبدن والهدي فحذرهم وعظم عليهم .
فسبوه وتجهموه وقالوا : إنما أنت أعرابي جلف ( جلف : الجلف : الأحمق . وأصله من الجلف ( وهي الشاة المسلوخة التي قطع رأسها وقوائمها . النهاية 1 / 287 . ب ) لا نعجب منك ولكنا نعجب من أنفسنا إذ أرسلناك اجلس ثم قالوا لعروة بن مسعود : انطلق إلى محمد ولا تؤتين من ورائك فخرج عروة حتى أتاه فقال : يا محمد ما رأيت رجلا من العرب سار إلى مثل ما سرت إليه سرت بأوباش الناس إلى عترتك وبيضتك التي تفلقت عنك لتبيد خضراءها تعلم أني قد جئتك من عند كعب بن لؤي وعامر بن لؤي قد لبسوا جلود النمور عند العوذ المطافيل يقسمون بالله لا تعرض لهم خطة إلا عرضوا لك أمرا منها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : إنا لم نأت لقتال ولكنا أردنا أن نقضي عمرتنا وننحر هدينا فهل لك أن تأتي قومك فإنهم أهل قتب ( قتب : القتب للجمل كالا كاف لغيره . النهاية 4 / 11 . ب ) وإن الحرب قد أخافتهم وإنه لا خير لهم أن تأكل الحرب منهم إلا ما قد أكلت فيخلون بيني وبين البيت فنقضي عمرتنا وننحر هدينا ويجعلون بيني وبينهم مدة تزيل فيها نساؤهم ويأمن فيها سربهم ويخلون بيني وبين الناس فإني والله لأقاتلن على هذا الأمر الأحمر والأسود حتى يظهرني الله أو تنفرد سالفتي فإن أصابني الناس فذاك الذي يريدون وإن أظهرني الله عليهم اختاروا إما قاتلوا معدين وإما دخلوا في السلم وافرين .
قال : فرجع عروة إلى قريش فقال : تعلمن والله ما على الأرض قوم أحب إلي منكم إنكم الإخواني وأحب الناس إلي ولقد استنصرت لكم الناس في المجامع فلما لم ينصروكم أتيتكم بأهلي حتى نزلت معكم إرادة أن أواسيكم والله ما أحب الحياة بعدكم تعلمن أن الرجل قد عرض نصفا فاقبلوه تعلمن أني قدمت على الملوك ورأيت العظماء واقسم بالله إن رأيت ملكا ولا عظيما أعظم في أصحابه منه لن يتكلم معه رجل حتى يستأذنه فإن هو أذن تكلم وإن لم يأذن له سكت ثم إنه ليتوضأ فيبتدرون وضوءه ويصبونه على رؤوسهم يتخذونه حنانا .
فلما سمعوا مقالته أرسلوا إليه سهيل بن عمرو ومكرز بن حفص فقالوا : انطلقوا إلى محمد فإن أعطاكم ما ذكر عروة فقاضياه على أن يرجع عامه هذا عنا ولا يخلص إلى البيت حتى يسمع من يسمع بمسيره من العرب أنا قد صددناه فخرج سهيل ومكرز حتى أتياه وذكرا ذلك له فأعطاهما الذي سألا فقال : اكتبوا بسم الله الرحمن الرحيم قالوا : والله لا نكتب هذا أبدا قال : فكيف ؟ قالوا : نكتب باسمك اللهم قال : وهذه فاكتبوها فكتبوها قال : اكتب هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله فقالوا : والله ما نختلف إلا في هذا فقال : ما أكتب ؟ فقالوا : إن شئت فاكتب محمد بن عبد الله قال : وهذه حسنة فاكتبوها فكتبوها وكان في شرطهم : أن بيننا للعيبة ( للعيبة : ومنه الحديث ( وأن بينهم عيبة مكفوفة أي : بينهم صدر نقي من الغل والخداع مطوي على الوفاء بالصلح . والمكفوفة : المشرجة المشدودة . النهاية 2 / 327 . ب ) المكفوفة وأنه لا إغلال ولا إسلال قال أبو أسامة : الإغلال الدروع والإسلال السيوف ويعني بالعيبة المكفوفة أصحابه يكفهم عنهم وإنه من أتاكم منا رددتموه علينا ومن أتانا منكم لم نرده عليكم .
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلّم : ومن دخل معي فله مثل شرطي فقالت قريش : من دخل معنا فهو منا له مثل شرطنا فقالت بنو كعب : نحن معك يا رسول الله وقالت بنو بكر : نحن مع قريش فبينما هم في الكتاب إذ جاء أبو جندل يرسف ( يرسف : الرسف والرسيف : مشي المقيد إذا جاء يتحامل برجله مع القيد . النهاية 2 / 222 . ب ) في القيود فقال المسلمون : هذا أبو جندل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : هو لي وقال سهيل : هو لي وقال سهيل : اقرأ الكتاب فإذا هو لسهيل فقال أبو جندل : يا رسول الله يا معشر المسلمين أرد إلى المشركين فقال عمر : يا أبا جندل : هذا السيف فإنما هو رجل ورجل فقال سهيل : أعنت علي يا عمر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم هبه لي قال : لا قال : فأجره لي قال : لا قال مكرز : قد أجرته لك يا محمد فلم يبح .
( ش )