فإن موجب الخشوع استشعار عظمة الله ومعرفة اطلاعه على العبد ومعرفة تقصير العبد فمن هذه المعارف يتولد الخشوع وليست مختصة بالصلاة ثم قال وقد دلت الأخبار على أن الأصل في الصلاة الخشوع وحضور القلب وأن مجرد الحركات مع الغفلة قليل الجدوى في المعاد قال وأعلم أن المعاني التي بها تتم حياة الصلاة تجمعها ست جمل وهي حضور القلب والتفهم والتعظيم والهيبة والرجاء والحياء فحضور القلب أن يفرغه من غير ما هو ملابس له والتفهم أمر زائد على الحضور وأما التعظيم فهو أمر وراء الحضور والفهم وأما الهيبة فأمر زائد على التعظيم وهي عبارة عن خوف منشأه التعظيم وأما التعظيم فهو حالة للقلب تتولد من معرفتين إحداهما معرفة جلال الله سبحانه وعظمته والثانية معرفة حقارة النفس وأعلم أن حضور القلب سببه الهمة فإن قلبك تابع لهمتك فلا يحضر إلا فيما أهمك ومهما أهمك أمر حضر القلب شاء أم أبى والقلب إذا لم يحضر في الصلاة لم يكن متعطلا بل يكون حاضرا فيما الهمة مصروفة إليه انتهى من الأحياء .
وقوله سبحانه قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن الآية سبب نزول هذه الآية أن بعض المشركين سمع النبي صلى الله عليه وسلّم يدعو يا الله رحمن فقالوا كان محمد يأمرنا بدعاء إله واحد وهو يدعو إلهين قاله ابن عباس فنزلت الآية مبينة أنها أسماء لمسى واحد وتقدير الآية أي الأسماء تدعو به فأنت مصيب فله الأسماء الله الحسنى وفي صحيح البخاري بسنده عن ابن عباس في قوله سبحانه ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها قال نزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلّم مختف بمكة كان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن فإذا سمعه المشركون سبوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به فقال الله تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلّم ولا تجهر بصلاتك أي بقراءتك فيسمع المشركون فيسبوا القرآن ولا تخافت بها عن أصحابك فلا