سبحانه في هذه الآية أنه لم يمنعه جل وعلا من ارسال الآيات المقترحة الا الاستئناء إذ قد سلفت عادته سبحانه بمعالجة الأمم الذين جاءتهم الآيات المقترحة فلم يؤمنوا كثمود وغيرهم قال الزجاج أخبر تعالى أن موعد كفار هذه الأمة الساعة بقوله سبحانه بل الساعة موعدهم فهذه الآية تنظر إلى ذلك ومبصرة أي ذات إبصار وهي عبارة عن بيان أمر الناقة ووضوح إعجازها .
وقوله فظلموا بها أي بعقرها وبالكفر في أمرها ثم أخبر تعالى أنه إنما يرسل بالآيات غير المقترحة تخويفا للعباد وهي آيات معها إمهال فمن ذلك الكسوف والرعد والزلزلة وقوس قزح وغير ذلك وآيات الله المعتبر بها ثلاث أقسام فقسم عام في كل شيء أذ حيث ما وضعت نظرك وجدت آية وهنا فكرة للعلماء وقسم معتاد غالبا كالكسوف ونحوه وهنا فكرة الجهلة وقسم خارق للعادة وقد انقضى بانقضاء النبوة وإنما يعتبر به توهما لما سلف منه .
وقوله سبحانه وإذ قلنا لك أن ربك أحاط بالناس هذه الآية إخبار للنبي صلى الله عليه وسلّم بأنه محفوظ من الكفرة آمن أي فلتبلغ رسالة ربك ولا تتهيب أحدا من المخلوقين قاله الطبري ونحوه للحسن والسدي .
وقوله سبحانه وما جعلنا الرؤيا التي أريناك الآية الجمهور أن هذه الرؤيا رؤيا عين ويقظة وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلّم لما كان صبيحة الإسراء واخبر بما رأى في تلك الليلة من العجائب قال الكفار أن هذا لعجب واستبعدوا ذلك فافتتن بهذا قوم من ضعفة المسلمين فارتدوا وشق ذلك على النبي صلى الله عليه وسلّم فنزلت هذه الآية فعلى هذا يحسن أن يكون معنى قوله أحاط بالناس في اضلالهم وهدايتهم أي فلا تهتم يا محمد بكفر من كفر وقال ابن عباس الرؤيا في هذه الآية هي رؤيا النبي صلى الله عليه وسلّم أنه يدخل مكة فعجل في سنة الحديبية فصد فافتتن المسلمون