في أخلاقهم وأقوالهم ومعاشرتهم ما أتى عفوا دون تكلف فالعفو هنا الفضل والصفو قال مكي قوله تعالى خذ العفو وأمر بالعرف الآية قال بعض أهل المعاني في هذه الآية بيان قول النبي صلى الله عليه وسلّم أوتيت جوامع الكلم فهذه الآية قد جمعت معان كثيرة وفوائد عظيمة وجمعت كل خلق حسن لأن في أخذ العفو صلة القاطعين والصفح عن الظالمين وإعطاء المانعين وفي الأمر بالمعروف تقوى الله وطاعته وصلة الرحم وصون الجوارح عن المحرمات وسمي هذا ونحوه عرفا لأن كل نفس تعرفه وتركن إليه وفي الأعراض عن الجاهلين الصبر والحلم وتنزيه النفس عن مخاطبة السفيه ومنازعة اللجوج وغيره ذلك من الأفعال المرضية انتهى من الهداية وقوله وأمر بالعرف معناه بكل ما عرفته النفوس مما لا ترده الشريعة ومن ذلك أن تعطي من حرمك وتصل من قطعك وتعفو عن من ظلمك الحديث فالعرف بمعنى المعروف .
وقوله D وأما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم هذه الآية وصية من الله سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلّم تعم أمته رجلا رجلا والنزغ حركة فيها فساد وقلما تستعمل إلا في فعل الشيطان لأن حركته مسرعة مفسدة ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلّم لا يشر أحدكم على أخيه بالسلاح لا ينزغ الشيطان في يده فالمعنى في هذه الآية فأما تلمن بك لمة من الشيطان فاستعذ بالله وعبارة البخاري ينزغنك يستخفنك انتهى ونزغ الشيطان عام في الغضب وتحسين المعاصي واكتساب الغوائل وغير ذلك وفي جامع الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال ان للملك لمة وللشيطان لمة الحديث قال ع وعن هاتين اللمتين هي الخواطر من الخير والشر فالآخذ بالواجب يلقى لمة الملك بالامتثال والاستدامة ولمة الشيطان بالرفض والاستعاذة واستعاذ معناه طلب أن يعاذ وعاذ معناه